تحية لها

نور سلمان: حدس المرأة يصنع العجائب

تطرح الأديبة الدكتورة نور سلمان كلمة الإنصاف بديلًا من كلمة المساواة عندما تتحدث عن حقوق المرأة. وهي إذ تعتبر الأنوثة الحقيقية جزءًا من حقيقة الحياة، تؤكد أنّ حدس المرأة يمنحها وعيًا فريدًا.

 

تقول سلمان بدايةً: «أُفضّل كلمة الإنصاف بدلًا من كلمة المساواة، إذ ليس هناك من مساواة مطلقة بين الرجل والمرأة، وأنا أُقرّ بهذا الاختلاف لكنّني لا أُقرّ بعدم الإنصاف، وأتمنى ألّا تخسر المرأة صفاتها المميزة.
لا تُعتَبر الأنوثة الحقيقية ضعفًا ولا تخلّفًا بل إنّها جزء من حقيقة الحياة، فالحنان والرقة ورهافة الحس والتضحية تجمّل الحياة، وتخفّف الكثير من قسوتها، ولا تحرم المرأة أبدًا من حقها في المساهمة والمشاركة في تلبية حاجات مجتمعها ووطنها».

 

مسافة تتخطاها المرأة القديرة
أما المسافة التي تفصلنا عن الوصول إلى إرساء حقوق للمرأة ذات طابع مؤسساتي يدعمها القانون وتقرّها الأعراف والسلوكيات، فتتخطاها كل امرأة قديرة وواعية ومُدركة. فالنصوص القانونية لا تكفي لتثبيت حقوق المرأة، هي أساسية لكنّها غير كافية، والتاريخ الذي أبرز تفوّق نساء كثيرات يؤكد ذلك.
وعن تجربتها في حقول الصحافة والأدب لجهة تعاطي الرجال معها سواء كانوا زملاء وأصدقاء وسوى ذلك، تقول:
«أنا، وبكل تواضع، فرضت على من تعاطيت معهم أسلوب تعاطيهم معي وآمنت بحدود هذا التعاطي من غير أن أتخلى عن المودة والاحترام والصداقة والتعاون مع هؤلاء، رغم اختلاف الأساليب باختلاف المواقع. وأقول بكل تواضع إنّني لم أفشل في ذلك».

 

الحدس أهم من المنطق
نعم، نعم، نعم، كوني امرأة أكسبني حدسًا حادَ الرؤية، فاستعنت بهذا الحدس في مسيرتي غير السهلة.
بهذه الحماسة تجيب الأدبية سلمان عن سؤال حول الانعكاس الإيجابي لكونها إمرأة في حياتها المهنية. وهي تضيف: «إنّ حدس المرأة يمنحها وعيًا فريدًا من نوعه، فهو أهم بكثير من المنطق الملموس والمرئي. حدس المرأة يصنع العجائب، وكثيرًا ما يُحصّنها بتفوق مُشرق. إنّ حدس المرأة يستقوي على المنطق العقلي بإدراك غير محدود.
الجهل هو في طليعة القضايا التي تختصر معاناة المرأة اللبنانية والعربية عمومًا وفق رأي سلمان، فهو يظلم المرأة، وكثيرًا ما يظلمها جهل الرجل لها، فيواجهها بأساليب لا تليق بها ولا تناسبها، كالعنف والتزمّت الضيّق وتخلّف المجتمع، وأنا أرى أنّ المرأة هي الضحية الأولى لهذا التخلّف».

 

أفتخر بالمرأة اللبنانية
عن نظرتها إلى المرأة اللبنانية المعاصرة، تقول سلمان: «ليس هناك من رسم واحد، ولا يُعقل ولا يجوز أن يكون لها بروفايل واحد، وأنا أفتخر بالمرأة اللبنانية وأعتزّ بها، وأرى أنّ القيادة في مختلف الميادين تليقُ بها وتزيدها جمالًا. والله أرادها أن تكون جميلة بقلبها وفكرها وكلامها وإطلالتها وتضحياتها وتمسّكها الرائع بالحق أينما كان، وبحقّها في رفع شأن كل مظاهر الواقع. فالمرأة ليست أم الطفل وحده بل إنّها أم الرجل وأم الوطن».


تتوقف سلمان عند تجربة تطويع الإناث في الجيش اللبناني الذي توجّه إليه التحية متمنّيةً أن يكون على الدوام حصنًا لهذا الوطن المعذّب.
وهي ترى أنّه من حق المرأة أن يكون لها وجود وحضور في صفوف الجيش وإن كانت لا تملك قوة العضلات التي تميز جسد الرجل. ودورها في الجيش محفوظ وموجود وإذا كان غير موجود فعليها أن تبدعه وتوجِده. وتوضح: «هذا ليس في الصراع والقتال وحدهما بل في جمع الصفوف أيضًا وفـي تنظيمهـا وفـي تجنّـب مخاطـر القتـال علـى أنواعـه.
إنّ المرأة مخلوق متميز وقد أراده الله متميزًا، ولا أنسى أنّ المرأة أينما حضرت هي أميرة الحب الذي أراده الله صانعًا للعجائب. ولن أطيل في هذا المجال الذي يعنيني كثيرًا، لكنّني لا أفصل بطولة المرأة الزوجة والأم والأخت عن قلب الوطن».


وبما أنّ شهر آذار هو شهر الأم والطفل، توقفت سلمان عند مفهوم الأمومة الذي يتخطى برأيها بكثيرٍ مفهوم المساواة في الحقوق المدنية اليومية، واعتبرت أنّ «نضال المرأة يكرّس وجودها الفريد في كل جوانب حياتها. تنال الأمومة حقوقها بنفسها لكنها تحتاج إلى دعم، ويجب أن تناله، وإنصاف المرأة الأم والزوجة يتعدى أُطر المساواة. وأمومة المرأة تكرّس مبادئ أخلاقية ثابتة، هي التضحية والمحبة المخلصة».