عبارة

هدية العام الجديد
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

يتساءل المرء أحيانًا وهو يستعرض أحجام الهيئات الدولية، ويتابع نشاطاتها ومناقشاتها وعمليات التصويت التي تجري فيها: كيف للدول الصغيرة أن تتساوى مع الدول الكبيرة في عضوية تلك الهيئات، وفي المشاركة في قراراتها؟ وقد ينطبق هذا التساؤل على وطننا لبنان إذا ما تولّينا مقارنة مساحته وعدد مواطنيه بمساحات الدول الأخرى وعدد مواطنيها. إلا أنّ التساؤل غالبًا ما ينتهي إلى الإقرار بأن ما تمّ ذكره، لا يشكّل معيارًا كاملًا في استعراض الفروقات وتحديد المستويات، فكم من دولة صغيرة تضج بالحركة، إيجابية كانت أو سلبية، وكم من دولة صغيرة تقدم إنجازات وتواجه تحديات وتتعرّض لأطماع لا حدود لها.
إن تراكمات التاريخ هي الدليل الواضح على ذلك، وهذا ما نراه في هذا الوطن، قديمًا وحديثًا، مع أن ما نقصده الآن هو قضاياه المستجدة وأوضاعه المعاصرة، خصوصًا في السنين الأخيرة حيث التهبت جبهاته، وتلاطمت أحداثه، وها هي وحداتنا العسكرية تعمل هنا، وتتحرك إلى هناك وتعيد الكرة هنالك، سواء في الجنوب أو عند الجبهات الباقية من خريطته، شمالًا وشرقًا وغربًا، ومن دون أن يكون أي شكّ في أنّ الجهد الأساسي هو في الجنوب، حيث يترصدنا العدو الإسرائيلي الذي يخصّنا بالأزمات والمتاعب منذ تاريخ إنشاء كيانه وحتى الآن، ثم في الإرهاب المجرم الذي يحاول جاهدًا العبث باستقرار الوطن ومسيرة العيش المشترك بين جميع مكوّناته.

انطلاقًا من ذلك كله، تتوالى مهمات الجيش وتزداد أعباؤه، ولم يحصل في أيّ مرّة أن تم التعديل في الدور أو التخفيف من الواجبات. وفي المقابل لم يحصل ابدًا أن تراجعت الهمم أو ترافقت الأعمال مع شكوى أو تذمر، على الرغم من ضآلة الوسائل وتخلّفها عن مواكبة الجهود والتضحيات، وكأنّ قدر تلك الجهود والتضحيات أن تعوّض بذاتها عن النواقص والحاجات.
نحن إذ نقول ذلك، فليس انطلاقًا من أبواب موصدة، إنما تأسيسًا على أمل كبير بأن يتحقق دعم دولي للجيش عبر الأشقاء والأصدقاء، وقد بدأت طلائعه بالظهور تدريجًا، خصوصًا بعد التأكد من أن المعركة التي يخوضها هذا الجيش ضدّ الارهاب هي جزء من معركة العالم بأسره.
من هنا، فإنّه وفي العام الجديد، لا بد من هديّة جدّية يقدّمها الوطن لجيشه، ولتكن هذه الهديّة سلاحًا متقدمًا وعتادًا وفيرًا.