من الأرض

هكذا يتم مسح الأملاك البحرية وتحديد التعديات عليها
إعداد: ليال صقر الفحل

من أقصى الشمال عند حدود العريضة، وصولًا إلى الجنوب حتى نقطة الناقورة استباحة عشوائية للشاطئ اللبناني، خيم هنا، منتجعات هناك، مطعم هنا وفندق هناك... شاطئ عمومي كان يعتبر متنفّسًا للمواطنين يقيهم حرارة الصيف، بات اليوم ملكًا خاصًا كما يزعم بعض المستثمرين، يمنع أطفالًا من التمتّع بأملاك دولتهم وحقهم الشرعي. فهل يكون المسح الميداني للأملاك البحرية إيذانًا ببدء معالجة ملف تأخرت معالجته عشرات السنين مع ما ترتّب على ذلك من ضرر لحق بمالية الدولة وبحقوق المواطنين؟


بدأت الخطوة الأولى باجتماع في قيادة الجيش حيث استقبل العماد جوزاف عون وزير الأشغال العامة والنقل الدكتور علي حمية، وقّع عقبه مدير عام النقل البري والبحري في الوزارة الدكتور أحمد تامر ومدير الشؤون الجغرافية في الجيش العميد المهندس محمد الجباوي مذكرة تفاهم تقوم بموجبها مديرية الشؤون الجغرافية بمسح الأملاك العامة البحرية.
 

المسؤولية الوطنية
الوزير حمية الذي وجّه الشكر إلى قيادة الجيش على هذه المبادرة التي تنمّ عن الحسّ بالمسؤولية الوطنية، شكر أيضًا مديرية الشؤون الجغرافية التي ستقوم بالمهمة من دون أي مقابل. وأوضح أنّ المسح سيشمل الأملاك البحرية العامة بشكل كامل، وسيتضمن تحديد ما يوجد عليها من إشغالات قانونية وتعديات، بالإضافة إلى تحديد الأملاك الخاصة المتاخمة للأملاك العامة، فضلًا عن نوع التعدي ووجهة استعماله ومساحته الحقيقية والجهة المعتدية.
وشدّد حمية على أنّه ستتم مقارنة المسح بذلك الذي قام به الجيش في العام 1996، لأنّه من الواضح أنّ التعديات التي كانت بالأمتار أصبحت الآن بآلاف الأمتار، وهذا ما يرتّب على أصحابها مسؤوليات قانونية ومالية تجاه الدولة.
من جهته أكّد العماد عون أنّ مديرية الشؤون الجغرافية تضع جميع إمكاناتها بتصرف وزارات الدولة لما فيه مصلحة الوطن.
 

العمل على الأرض
مع مباشرة  مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني مهمة المسح الميداني للأملاك البحرية على طول الشاطئ اللبناني من الشمال إلى الجنوب، وإعلانها أن لا استثناءات، استبشر اللبنانيون خيرًا. فحين تُسند المهمة إلى الجيش يكون نجاحها مضمونًا، لكن يبقى أن تتبع هذه الخطوة الأساسية الخطوات التالية والتي تقع مسؤوليتها على الجهات المختصة في الدولة.
أعطت قيادة الجيش الضوء الأخضر لبدء مديرية الشؤون الجغرافية بالتنفيذ، وذلك انطلاقًا من كون هذه المديرية مسؤولة عن شبكة التثليث التي تتألف من محطات رصد موزعة على كامل الأراضي اللبنانية، وتشكّل بياناتها الأساس الذي ترتكز عليه أعمال المساحة في لبنان.
تقضي المهمة بتحديد العقارات المعتدى عليها بالبيانات والأرقام الدقيقة والموثقة، وفق ما يخبرنا مدير الشؤون الجغرافية العميد المهندس محمد الجباوي. وبحسب المشرف المباشر على تنفيذ هذا المشروع، الرائد المهندس علي درويش، يبدأ المسح بالتصوير الجوي للشاطئ اللبناني كاملًا باستخدام ثلاث طائرات DRONE تابعة لمديرية الشؤون الجغرافية، يلي ذلك إصدار صور العقارات، ومن ثم العمل على أرض الواقع وتحديد مواقع التعديات. وبعد طلب الوثائق اللازمة من أصحاب المنتجعات السياحية والمنشآت الموجودة على الشاطئ، يتم إنجاز المسح الميداني على الأرض. أما تحليل النتائج فيجري في المديرية حيث يحدد الوضع القانوني للمنشآت. وفي المرحلة الأخيرة يتمّ إرسال النتائج والبيانات إلى وزارة الأشغال العامة والنقل، وبذلك تكون المديرية قد أنجزت المطلوب منها.
القسم المكلَّف تنفيذ المشروع هو مصلحة الجيودازيا في مديرية الشؤون الجغرافية ويضم الفريق ثلاثة ضباط و25 رتيبًا وفردًا يتناوبون على العمل حتى بعد الدوام الرسمي لإنجاز المهمة في الوقت المحدد. وفي ما خصّ العتاد، فهو محصور بثلاث طائرات DRONE ونظام GPS وحواسيب مزودة نظامي AUTOCAD CIVIL 3D و ARC GIS، ومن المقرر أن تُنجز المهمة وتسلّم البيانات كاملة للوزارة خلال عام واحد.
لا عقبات تذكر خلال سير العمل، حتى المخالفون متعاونون ويسلّمون الأوراق والوثائق التي يطلبها الفريق من دون مماطلة، وحدها الأحوال الجوية تُشكل عائقًا في بعض الأحيان، وفي ما عدا ذلك تسير الخطوات على خير ما يرام.
هل تنتهي المهمة بتحديد التعديات على الأملاك البحرية فقط، أم أنّها تمتد لتشمل التعديات على الأنهر وأملاك أخرى للدولة؟  يجيب العميد المهندس الجباوي بأنّ المديرية مكلَّفة في الوقت الحالي بمسح الأملاك البحرية فقط، لكنها قادرة على تنفيذ مهمات مماثلة على الأملاك الأخرى متى كُلّفت بذلك.
المديرية مكلَّفة في الوقت الحالي بمسح الأملاك البحرية فقط، لكنها قادرة على تنفيذ مهمات مماثلة على الأملاك الأخرى متى كُلّفت بذلك.