- En
- Fr
- عربي
هل انتهى الردع؟
في العالم الثنائي القطبية الذي انتهى عملياً مع تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1992، إتخذ مفهوم الردع شكلاً عملياً في حفظ توازنات القوى الدولية الكبرى، بحيث أن كل طرف يرغب في خرق توازن معين كان يبحث عن ساحة لتنفيذ هدفه غالباً ما كانت في العالم الثالث، حيث كان يجري تنفيس الاحتقانات بثورات وحروب تحرير طويلة الأمد واستغلال القضايا العادلة للشعوب في تسوية حسابات الكبار.
كان الردع يتمثل في وجود قوة عسكرية كبيرة وقادرة، تقليدية أو نووية. كان تغيير اتجاه ارباض الصواريخ أو رفع درجة جهوزيتها، أو أي تطوير لها، يُشكل ردعاً من قوة لأخرى كي تمتنع عن عمل معين. وكان أيضاً وجود أكثر من 500 ألف جندي سوفياتي في أوروبا الشرقية رادعاً لأوروبا الغربية عن التفكير بأشياء كثيرة.
وتطبيقاً لمفهوم الردع، كان وجود القوات الأميركية في أوروبا الغربية وكوريا الشمالية، وكان وجود الأحلاف العسكرية. وتطويراً لمفهوم الردع، كانت تجارب الصواريخ المنافسة وما سُمِّي بحرب النجوم.
ومع الانتهاء من صدمة سقوط الاتحاد السوفياتي، بدأ مفهوم الردع الذي كان سائداً خلال الحرب الباردة يتراجع.
القوة الروسية لم تردع الطالبان في أفغانستان فيما فشلت القوة الأميركية في الصومال.
إسرائيل انسحبت عام 1956 بعد ردع أميركي، وتملَّقت الولايات المتحدة بعد انتصارها في حرب 1967 خوفاً من الردع. أما اليوم فهي تهدد واشنطن ولا تكترث لأي ضغوط، في حال حدثت، ولا تأبه بأي ردع محتمل.
كان التهديد يُغيِّر سياسات ووقائع، أما اليوم فإننا نرى أن التدخل العسكري (قصف أفغانستان والسودان) لم يُحرز أي مكسب سياسي. كان التفكير في بناء قوة نووية خارج النادي النووي الدولي مستحيلاً ومحكوماً بضوابط الردع الدولي. وأصبح التفجير النووي اليوم، بعد تفجيرات الهند وباكستان، من الطموحات العلنية لكل دولة.
هل انتهى الردع؟