- En
- Fr
- عربي
قضايا إقليمية
على الرغم من عدم وجود قانون يحدد دور زعيم المعارضة في إسرائيل حتى العام 2000، فإنه كان من المعتاد، قبل هذا التاريخ، أن تنعقد اجتماعات دورية بين كل من رئيس مجلس الوزراء في السلطة ورئيس أكبر حزب معارض خارج الحكومة، للتداول في شؤون البلد المختلفة وبخاصةٍ الحساسة منها، ولكن انعقاد تلك الاجتماعات كان يتم فقط بقرار من رئيس الوزراء نفسه.
القانون يعطي دورًا للمعارضة
في أوائل العام 2000، تمّ التقدم بمشروعي قانون إلى الكنيست لتعديل وضع زعيم المعارضة ودوره. كان أحدهما «مشروع قانون الحكومة» (المقدم من الحكومة نفسها) والآخر هو «مشروع قانون الأعضاء المستقلين»، وقدّمه عضو الكنيست عوزي لانداو. تمّ دمج المشروعين في تعديل واحد (تموز 2000)، وحُدّدَت الخطوط العريضة لدور زعيم المعارضة، باعتباره وحزبه يشكلان جزءًا مهمًا من الرأي العام الداخلي وأداة أساسية لمراقبة أنشطة الحكومة.
في الوقت الراهن أصبح أكثر الإسرائيليين راضين بالواقع القائم للاحتلال، واستسلموا لحجة الحكومة أن استمرار هذا الاحتلال ضروري لحماية الأمن القومي الإسرائيلي، لكن ثمة آخرون ينظرون إلى الاحتلال ليس فقط باعتباره انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان الفلسطينيي، بل كتهديد حقيقي للطابع الديموقراطي الإسرائيلي والطابع القومي اليهودي.
حافظت الحكومات الإسرائيلية اليمينية على الاحتلال بأي وسيلة متاحة، بما في ذلك استخدام القوة، بينما فشلت أحزاب المعارضة الإسرائيلية من اليسار والوسط بشكل فادح، وعلى مدى سنوات متعددة، في النهوض ببرنامج سياسي موحّد لإنهاء الاحتلال وحلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حلّ الدولتين.
يتّهم زعيم المعارضة الإسرائيلية الممثّلة في «المعسكر الصهيوني» يتسحاق هرتسوغ رئيس الوزراء نتنياهو بازدواجية المواقف والمعايير لأنه يعلن تأييده حلّ الدولتين، لكنه عمليًّا يقوم بأعمال تتناقض مع هذا المبدأ. ويرى هرتسوغ أن الحكومة الإسرائيلية في عهد نتنياهو تنفّذ عملية ضم زاحف للمناطق والمستوطنات في الضفة، كما يصف نتنياهو أنه «عاجز عن اتخاذ قرارات إبداعية تاريخية».
مشروع هرتسوغ
في المقابل يدعو هرتسوغ إلى اقتسام القدس مع الفلسطينيين، محذّرًا من تفويت فرصة تاريخية للتسوية بما يهدّد مستقبل دولة إسرائيل. وهو يدعو أيضًا إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو استفتاء عام حول حلّ الدولتين. وفي الوقت نفسه يقدّم مشروعًا من عشر نقاط للخروج من حالة المراوحة والتعطيل التي تتبناها الحكومة الحالية وتطبّقها، وهي كالآتي:
1. تجديد التصديق من قبل الطرفين، والتزام المجتمع الدولي تحقيق الهدف النهائي لدولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن.
2. اتفاق الجانبين على وضع إطار زمني (لمدة تصل إلى 10 سنوات)، على أن يتم خلاله إعلان كامل المنطقة إلى الغرب من نهر الأردن مكانًا لنبـذ العنـف من أي نوع. ويكـون التنفـيذ مشتـركًا ويتضـمّن إنـزال عقوبة لا هوادة فيها على أي نوع من الإرهاب أو التحريض، وذلـك بإشـراف مباشر من مجـلس الأمن الذي يتبنّى قـرارًا حـول هذا الموضوع.
3. انتقال الجانبين خلال هذه الفترة إلى العمل على تحقيق رؤية الدولتين، ومواصلة إسرائيل الانفصال عن الفلسطينيين من خلال استكمال الجدار الذي من شأنه حماية القدس والكتل الاستيطانية، وبناء منطقة عازلة بين القدس والقرى الفلسطينية حول المدينة، وإعطاء الفلسطينيين سلطات أوسع. وتشمل هذه السلطات صلاحيات مدنية في جزء من المنطقة «ج»، (نحو 60% من مساحة الضفة) لتمكين التنمية الحضرية في التجمعات الفلسطينية المحاذية للجدار الفاصل والمدن الفلسطينية الكبيرة. وهذا بالضبط هو عكس ما يطالب به زعيم حزب البيت اليهودي ووزير التعليم نفتالي بنيت، أي ضم إسرائيل للمنطقة «ج».
4. وقف إسرائيل أعمال البناء خارج الكتل الاستيطانية وتجنّب خطوات تغيير الواقع جميعها على الأرض في تلك المناطق، باستثناء الأعمال المطلوبة للأمن، لتمكين تنفيذ رؤية الدولتين.
5. خلال هذه الفترة، ستتسارع بشكل كبير التنمية الاقتصادية الفلسطينية، بمساعدة إقليمية ودولية. وسوف تشمل هذه التنمية الحضرية، إعادة تأهيل مخيمات اللاجئين وتطوير اقتصاد وصناعة قابلَيْنِ للحياة.
6. يعمل الفلسطينيون على منع أي «إرهاب» أو تحريض، ويصوغون أيضًا اتفاقًا وطنيًا واسعًا بين الفصائل الفلسطينية، نتيجته أن الضفة وغزة ستكونان تحت سيادة واحدة. وإذا فعلوا ذلك، يُسمَح لهم بإعلان دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، وسوف يكون واضحًا أنّ الحدود الدائمة لهذه الدولة تتحدّد فقط من خلال اتفاق. وستدرس إسرائيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل إيجابي، وتعلن أنها ترى هذه الدولة كشريك لتسوية دائمة.
7. يواصل الجيش الإسرائيلي العمل في أنحاء الضفة جميعها حتى نهر الأردن، وحول قطاع غزة، ويستمر التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية ويصبح وثيقًا أكثر.
8. تعمل الأطراف على إعادة تأهيل قطاع غزة وبناء ميناء يخضع لترتيبات أمنية مشددة، ونزع السلاح بالكامل وتدمير الأنفاق.
9. بعد هذه الفترة، على افتراض أنها مرّت من دون عنف، سيعمل الجانبان على فتح مفاوضات مباشرة، بدعم من دول المنطقة والمجتمع الدولي. وستُعقَد المحادثات من دون شروط مسبقة، بين شريكين على قدم المساواة، على محمل الجدّ وبحزم، وتؤدي إلى اتفاق سلام شامل ونهائي، وتسوية القضايا المثيرة للجدل جميعها، وتحديد الحدود الدائمة بما يؤدي إلى إعلان انتهاء الصراع.
10. تدعم دول المنطقة علنًا وبقوةٍ التحركات، كجزء من مبادرة إقليمية دراماتيكية واسعة. وتدفع إسرائيل قُدُمًا مسألة إنشاء مؤسسات مشتركة في الشرق الأوسط تعمل على تطوير المنطقة، إلى التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والمياه ومرور البضائع والعمال، وجعل القدس مركز هذا المجمع الإقليمي.
تحالف للمعتدلين؟
من ناحية أخرى رأى هرتسوغ أن خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القمة العربية الإسلامية الأميركية قد وضع حجر الأساس لإنشاء «تحالف للمعتدلين تكون إسرائيل عضوًا فيه». كما دعا إلى اقتسام القدس مع الفلسطينيين، محذّرًا من تفويت فرصة تاريخية للتسوية بما يهدّد مستقبل دولة إسرائيل.
وقال هرتسوغ، ردًّا على خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكنيست: «اليوم، القدس موحدة على الورق فقط، وفي الواقع، فإنّ الشطر الشرقي منها محرّم على اليهود، وفي بعض الأحيان ممنوع على قوى الأمن... فهل هذه هي المدينة الموحدة التي حلم بها نتنياهو». وأوضح هرتسوغ أن الرئيس الأميركي ترامب جاء إلى إسرائيل بعد لقاءات مع زعماء عرب مهمّين وبيده رسالة مفادها أنّ المنطقة تريد سلامًا، وهي ناضجة له، مؤكدًا أن اللحظة مؤاتية للتوجه نحو عملية تاريخية شجاعة لتحقيق رؤية الدولتين لشعبين.
بالتزامن مع تصريحات هرتسوغ، تظاهر عشرات الآلاف من نشطاء اليسار الإسرائيلى في تل أبيب تحت شعار «دولتان وأمل واحد في ذكرى مرور 50 عامًا على احتلال الضفة الغربية. وأرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة تمت قراءتها أمام المتظاهرين وسط هتافاتهم قال فيها اعترفنا بإسرائيل واتفقنا على حل الدولتين، حان الوقت أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين وتُنهي الاحتلال. لكن أمام الواقع الراهن الضاغط بشدة على الجميع يبدو أن أحزاب المعارضة الإسرائيلية من اليسار والوسط قد فشلت فشلاً ذريعًا في النهوض ببرنامج سياسي موحد لإنهاء الاحتلال وحلّ الصراع على أساس حل الدولتين.