هل من فرصة للسلام؟

هل من فرصة للسلام؟
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

لا يختلف اثنان حول أهمية التأثر والتأثير المتبادلين بين الدول في تحديد مصير شعوبها، وبالتالي شعوب العالم قاطبة، خصوصاً إن كان بعض تلك الدول يمتلك قوى كبيرة في السياسة والاقتصاد وما يسبقهما، وما يليهما، من "عسكريات" في البحر والبر والفضاء. والولايات المتحدة الأميركية تمثل طليعة تلك القوى، كما يرى البعض، لا بل تمثل فريدتها ووحيدتها التي لا تشاركها فيها دولة أخرى، كما يرى البعض الآخر، من هنا الاهتمام الواضح بأهمّية من يتولى قيادتها وتسيير مراكبها في محيط الأزمات والصراعات. إن الاهتمام بتحديد حكام القوى الصغرى من قبل الكبرى، يأتي من باب بسط النفوذ وكسب الغلال، أما الاهتمام بتحديد حكام القوى الكبرى، فإنه يأتي من باب انتظار الحلول الآتية من فوق، من القادرين على تحريك المسار في هذا الاتجاه أو ذاك، وعلى إشعال الأزمات، أو إطفاء نارها إلى حين وأجل... أو إلى غير رجعة.

في الدولة الكبرى اليوم إدارة جديدة تتطلع اليها عيون العالم، وتكتب عنها الأقلام، وتتوالى التوقعات، وتنشأ الآمال والأمنيات. مع كل جديد هناك فرصة جديدة، حسُنت الفرصة التي سبقتها أو ساءت. وكل موضوع يحتمل النقاش، وكل قيمة يزداد حولها المهتمون بين مؤيد ومعارض، لكن، للجديد طلة تتزاحم أرقامها وتلتمع صورها.

أما نحن، فإن قضيتنا ترتبط بقضايا المنطقة التي ننتمي إليها، والقضية الفلسطينية هي نقطة الارتكاز في تلك القضايا. ستون سنة ونحن ندفع الأثمان نتيجة لأخطاء العالم، أو تقصيره تجاه تلك القضية. كم من قائل إن فرصاً عديدة لحل تلك المسألة قد ضاعت سابقاً. وكم من قائل إن التوازن في التفاوض، والتفتيش عن حل دائم لقضية فلسطين، ينتظر الجميع أن تؤمنه الولايات المتحدة الأميركية فيما لو أرفقت القوة التي تتمتع بها، والموقع العالمي الذي تحتله، بالتفهم الضروري لحاجة حقوق شعوب الأرض إلى كل ما يرفع الظلم عنها. وكم من قائل، من جهة أخرى، إن الفرص لم تضع لأنها لم تكن موجودة، وإن التوازن المذكور لا يمكن تحقيقه من قبل أي قوة خارجية، وأي اتفاق يتم فرضه من قبل فلان أو فلان، معرّض للانهيار، والحل هو في الداخل، هو في إعادة الأراضي إلى أصحابها. تمهيداً لحل يتم بناؤه على العدالة، العدالة الدولية التي يتفق حولها الجميع، ولا يطبقها الجميع.

إن لبنان هو أقرب الجيران إلى مركز الصراع العربي الإسرائيلي، والأقربون هنا هم أولى بتلقي المصاعب والأطماع والاعتداءات، ما دامت الأزمة قائمة، لكن، لو انخفض منسوب مائها الساخنة، لأصبحنا أولى بالاستقرار والسلام... وهل من نقاش في أن بلادنا هي بلاد السلام، تحلو به ويحلو بها، وأنها أيضاً بلاد الحق والعدل اللذين لم تبخل عليهما يوماً بالبطولة والتضحيات؟