اقتصاد ومال

ودائع القطاع المصرفي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي
إعداد: تريز منصور

جشي: الإرتفاع المرتقب لمعدلات الفائدة عالمياً قد يؤدي الى إرتفاع محدود في معدلاتها محلياً

استمرار تزايد المديونية العامة وارتفاع الفوائد والركود الإقتصادي المتواصل منذ أكثر من خمس سنوات، إضافة الى الأوضاع القلقة في المنطقة العربية، عوامل أدت بمجملها الى تقليص قدرة المصارف على لعب دورها الأساسي في تحريك القطاعات الإقتصادية في لبنان. رغم ذلك تشير الإحصاءات المصرفية الى زيادة نمو ودائع القطاع المصرفي اللبناني، بنسبة بلغت نحو الـ15 في المئة في العام 2003، وقد ساهم ذلك في تعزيز قدرة المصارف اللبنانية، على لعب دور الممول الرئيسي لعجز الخزينة. فالسيولة المتوفرة تمثل نسبة مرتفعة قاربت الـ300 في المئة من الناتج المحلي، أما الاحتياطي الإجمالي لمصرف لبنان فقد بلغ أكثر من 13 مليار دولار (بما في ذلك موجوداته من الذهب) ، وهذه النسبة من شأنها تلبية حاجات الدولة التمويلية. إلا أن مساهمة القطاع المصرفي في تسليف القطاع الخاص غير كافية وحدها لتحقيق نسب نمو مرتفعة، فهذا النمو يحتاج الى ورشة أنظمة وتشريعات محفزة للإستثمار، وأسواق رأس مال فاعلة، الى حسن الأداء في القطاع الخاص نفسه والمنافسة قوية...

 لإلقـاء المزيد من الضوء على دور القطاع المصرفي اللبناني في دعم الإقتصاد وسياسة خفض الفوائد واستحقاقات 2004... التقت "الجيش" النائب الأول لحاكم مصرف لبنان الدكتور أحمد جشي، فكان هذا الحوار:

 

■ تشير المعلومات الى أن القطاع المصرفي يشكل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي، فما هو التأثير الإقتصادي لهذا المؤشر وهل هو دليل عافية؟ ­

- لقد ساهمت التدفقات النقدية الكبيرة التي نتجت عن اتفاق "باريس 2" والتي تزامنت مع انخفاض معدلات الفائدة عالمياً ومع إعادة تحويل بعض المستثمرين العرب لتوظيفاتهم نحو المنطقة، الى زيادة نمو ودائع القطاع المصرفي اللبناني بنسبة قاربت الـ15% خلال العام 2003. وقد ساهم ذلك في تعزيز قدرة المصارف اللبنانية في لعب دور الممول الرئيسي لعجز الخزينة.

■ ما هو الدور الذي لعبه القطاع المصرفي في الفترة الأخيرة لا سيما في ما خص المديونية العامة للدولة، وهل أثّر دعمه للدولة على عمل القطاع الخاص، والى أي حد؟ ­

-  إن السيولة المتوفرة في الأسواق M3 والتي تمثل نسبة مرتفعة قاربت 300% من الناتج المحلي، تتيح تمويل عجز الخزينة من دون أن يؤثر ذلك سلباً على احتياطي مصرف لبنان أو على تسليفات القطاع الخاص. إلا أنه تجدر الإشارة الى أن الإعتماد الحالي على استمرار التدفقات النقدية من الخارج يتوقف على ثقة المودع بالقطاع المصرفي والتي لم تتزعزع أصلاً بالرغم من ارتفاع معدلات الدين للناتج المحلي.

■ ما هي قيمة موجودات مصرف لبنان من الذهب والعملات الأجنبية، وما هي قيمة موجودات المصارف اللبنانية، والى ما تشير هذه الأرقام؟

-­ إن تدفق الرساميل من الخارج من جهة وانخفاض معدلات دولرة الودائع من جهة ثانية قد ساهما في ارتفاع الاحتياطي الإجمالي لمصرف لبنان الذي بلغ في نهاية 2003 أكثر من 13 مليار دولار (بما في ذلك موجودات المصرف من الذهب) . وقد ساهم ذلك في تعزيز الثقة لدى المودعين والمستثمرين على السواء.

■هل القطاع المصرفي قادر على العمل والاستمرار بمفرده في الاقتصاد، أم أن ضعف القطاعات الأخرى يعيق عمله وتطوّره؟

-­ ان استمرار نمو ودائع القطاع المصرفي بوتيرة تفوق تلك المتوقعة للدين العام من شأنه أن يمكن المصارف من تلبية حاجات الدولة التمويلية من دون أن يؤثر ذلك على قدرة المصارف التسليفية للقطاع الخاص. إلا أن مساهمة القطاع المصرفي في تسليف القطاع الخاص غير كافية وحدها في تحقيق نسب نمو مرتفعة. ويعود ذلك الى عوامل عدة أهمها:

- ­ غياب الأنظمة والتشريعات المحفزة للإستثمار. ­

- ضعف حسن أداء القطاع الخاص. ­

- معدلات الفائدة الحقيقية المرتفعة.

­-  ضعف المنافسة. ­

- غياب أسواق رأس المال الفاعلة.
 تجدر الإشارة الى أن تحسن سعر صرف اليورو مقابل الدولار قد ساهم في ارتفاع واردات لبنان من الخارج كما أن تعميم مصرف لبنان الأخير حول الديون المتعثرة يؤمل منه تفعيل دور القطاع الخاص عبر إيجاد آلية حل للديون المتعثرة والتي بلغت نسبة 13% من مجموع ديون القطاع الخاص.

■ هل أن القطاع المصرفي اللبناني جاهز لتطبيق الإتفاقات الدولية وتطبيق معاييرها؟

-­ هناك خطوات تحضيرية يقوم بها كل من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف في ما يتعلق بـ"بازل 2". ومن هذه الخطوات تم وضع سيناريو لمعاينة مدى تأثير تطبيق "بازل 2" على القطاع المصرفي الذي يتمتع حالياً بنسبة ملاءة مرتفعة. وقد أظهرت هذه الدراسة قدرة غالبية المصارف على التكيف مع معايير "بازل 2". كما أن العمل جار حالياً لوضع آليات لإدارة المخاطر تلحظ مخاطر التسليف بالعملات الأجنبية نظراً الى الخصوصية التي يتمتع بها القطاع المصرفي اللبناني والمتمثلة بنسبة دولرة مرتفعة.

■ هل أن سياسة خفض الفوائد سوف تستمر أيضاً هذا العام، وهل ستشمل الفوائد المدينة؟ ­

 إن الإرتفاع المرتقب لمعدلات الفائدة عالمياً ابتداءً من أواخر 2004 ومطلع 2005 سوف يؤثر على كلفة الدين العام وقد يؤدي الى ارتفاع محدود في معدلات الفائدة المحلية.

■ ماذا عن استحقاقات عام 2004؟ ­

يمكن إطالة آجال استحقاق سندات الخزينة الى ثلاث سنوات من خلال إدارة دين عام فاعلة وحتى الى خمس سنوات كما يطمح إليه البعض. غير أن ذلك قد يؤدي الى زيادة كلفة الدين العام نتيجةاحجام عدد كبير من المستثمرين عن الإكتتاب في سندات خزينة طويلة الأجل ما لم تكن الفائدة مرتفعة الى الحد الذي يناسب المخاطرالناتجةعنها. لذلك فإن إعادة جدولة الدين العام وتطويل آجال الاستحقاق يتطلب تطوير الأسواق المالية الثانوية وسوق رأس المال.

                                                                                                     :
 

 تصوير :المجند حسام أبو شقرا