- En
- Fr
- عربي
كلمات ليست كالكلمات
غادرت القوات العربية السورية لبنان عائدة الى داخل سوريا، تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى السوري اللبناني. جاءت هذه المغادرة بعدما نمت قدرات الجيش اللبناني، وباقي القوى الأمنية، وأضحت قادرة على حفظ الأمن والنظام في لبنان، ومواجهة التهديدات الإسرائيلية ضد استقرار الوطن وسلامته. كما جاءت هذه المغادرة في ظل ضغوط دولية على سوريا ولبنان، ومع تصاعد الضغط السياسي والأمني على الشعب الفلسطيني، ووعد اميركي بإسقاط حق العودة عن اللاجئين الفلسطينيين.
هذه المغادرة لن توقف التنسيق والتعاون بين الجيشين الشقيقين لمواجهة التهديدات والتحديات المقبلة، فقد قال قائد الجيش العماد ميشال سليمان «إن العلاقة بين الجيشين لا تقتصر على انتشار هنا وهناك، وانما تمتد لمواجهة الأخطار الداهمة لكل من سوريا ولبنان».
غادرت القوات الشقيقة لكن مهمتها لم تنته، لأن أمن لبنان من أمن سوريا، وأمن سوريا من أمن لبنان، كما ان هناك اتفاقية الدفاع والأمن بين الدولتين اللبنانية والسورية، تلك الاتفاقية التي ترعى بشكل قانوني التنسيق بين الجيشين.
لقد غادرت القوات الشقيقة، ولكن الى أين؟ الى الداخل السوري، وكم يبعد هذا الداخل عن لبنان؟ ساعة سير او ساعتين؟ وهل هذه مسافة كبيرة؟ ان الاتصال الجغرافي بين لبنان وسوريا، والعلاقات الاجتماعية واواصر القربى والصداقة، وتبادل المصالح على انواعها، هي فريدة من نوعها في العالم ولا يفهمها إلا من يعيشها، ويمكن لأى قوة ان تزوّر في التاريخ لكنها تعجز عن تغيير الجغرافيا، ومن هذه الجغرافيا تنطلق المصالح المشتركة بين الدولتين، وهي مصالح حيوية وكبيرة، استمرت رغم ما اصاب المنطقة من هول الحروب والنزاعات.
ان العلاقة الأخوية بين الجيشين تستمر بشكل طبيعي وتتعمق، غير آبهة بكل الضغوط مهما كان نوع تلك الضغوط وشكلها، وذلك لأن المهمة واحدة وهي التصدي لاعتداءات العدو الاسرائيلي ولمخططاته التي تستهدف أمن واستقرار سوريا ولبنان معاً.
ان ابلغ تعبير عن مدى عمق العلاقة هو ذلك الوداع المؤثر لأخوة السلاح الذي جرى في احتفال مهيب في رياق حضره قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ووفد من كبار ضباط القيادة والوحدات، ورئيس هيئة الاركان العامة للجيش والقوات المسلحة العربية السورية الشقيقة العماد علي حبيب ووفد من كبار ضباط الجيش الشقيق، وجميع الملحقين العسكريين المعتمدين في السفارات الأجنبية، وحشد شعبي وحشد اعلامي قلّ نظيرهما في أي من المناسبات، وقد نقل هذا الاحتفال مباشرة على شاشات التلفزة الفضائية في مختلف اصقاع الارض، وشاهد الناس، وبشكل حي، كيف يتم وداع الأشقاء، وكيف يكرّم الجيش اللبناني الجيش الشقيق، وخصوصاً شهداءه الذين رووا بدمائهم ارض لبنان دفاعاً عن وحدته وسلامته وسيادته. لقد رأى الرأي العام العالمي الحقيقة المجردة في العلاقة الأخوية اللبنانية السورية، وليس الحقائق المركّبة والمجتزأة التي حاول البعض جاهداً فرضها على الاعلام، حتى جاء هذا التكريم ليدحض كل خلل، ويصحح كل خطأ ويظهر الواقع الصحيح السليم.
انها مرحلة من مسيرة تاريخية طويلة في مواجهة اعداء لبنان وسوريا، وما قول الأخوة لأخوتهم الى اللقاء الا دليل على ان الخطر الاسرائيلي الداهم، والتهديد المستمر، يستوجبان اللقاء في ساحات التصدي لهذا العدو، الذي لا يخفى على احد خبث نواياه تجاه جميع فئات الشعب اللبناني.
وداع سوري: يا اخوة السلاح الى اللقاء، وجواب لبناني: شكراً لتضحياتكم. انه اختصار لواقع نعيشه ولا يمكن لأحد الغاؤه.