تحية لها

وزيرة العمل لميا يمّين: تمثيل المرأة ليس مجرد قضية عدالة

بين الهندسة المعمارية والحفاظ على المواقع التاريخية وحمايتها والتعليم الجامعي، كان للمهندسة لميا يمّين طريق حافل بالنشاط والنجاح. حاليًا، ومن موقعها كوزيرة للعمل، تسعى إلى تحقيق إنجازات تسهم في نهضة المرأة والوطن. وهي ترى أنّ تمكين المرأة بات يشكل التحدي الأهم لتحقيق التنمية على أساس المشاركة والفرص المتساوية.

 

ترى الوزيرة لميا يمّين أنّ «وجود المرأة في العمل السياسي لا يُقاس بالربح والخسارة، بل هو وجود ضروري، فدور المرأة لم يعد مقتصرًا على العمل الإداري أو التجاري، والدور الذي تؤديه في المجتمع يحتّم أن يكون لها وجود فاعل وقوي في المجال السياسي، وعلى صعيد المشاركة في صنع القرار.
 أما ما تخسره المرأة خلال وجودها في المعترك السياسي فلا يُعد خسارة جوهرية، والمسألة تقتصر على الوقت. فالعمل السياسي ربما يجعل المرأة غير قادرة على القيام بواجباتها كاملة تجاه أسرتها أو المحيطين بها، لكن هذه الخسارة سرعان ما تُعوض عندما تنجح المرأة في الموقع الذي هي فيه، فتكون قدوة ومدعاة فخر لعائلتها».

 

حجر أساس
برأي الوزيرة يمّين «يشكّل تولي المرأة مسؤوليات سياسية حجر أساس في ترسيخ معادلة المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات»، وهي تعتقد أنّ لبنان قطع شوطًا كبيرًا على صعيد إفساح المجال أمام المرأة لممارسة دورها في المجتمع، لكنّها تشير إلى وجود الكثير من القوانين والمشاريع التي من شأنها أن تعزز مسألة المساواة، قيد الدرس.
«ولا يمكن للمجتمع أن يحقق التنمية الشاملة وبناء مجتمع جديد إذا لم يكن للمرأة دور في صياغة القرارات المتعلقة بحياتها الخاصة والعامة، وإذا لم تأخذ حصتها من الأعمال المهنية والإدارية والاقتصادية، وإذا لم تشارك في مؤسسات السلطة ومؤسسات صنع القرار وعلى مختلف المستويات. فتمكين المرأة بات يشكل التحدي الأهم لتحقيق التنمية على أساس المشاركة والفرص المتساوية، كما يتبدى ذلك في التصديق الشامل على الصكين الرئيسيين في منظمة العمل الدولية في هذا الميدان، أي إتفاقية المساواة في الأجور (رقم 100) التي أقرت في العام 1951، وإتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة (رقم 101) وهي أقرت سنة 1958.
إن تمثيل المرأة ليس مجرد قضية عدالة، فالتنوع بين الجنسين في القيادة يتماشى مع مبدأ الحكم الرشيد، حيث ترتفع احتمالات تأييد النساء لقوانين دعم الطفل والمرأة والرعاية الاجتماعية عن الرجال».
في سياق أخر تؤكد يمّين أنّ «تولّي المرأة أي منصب سياسي لا يجوز أن يأتي على خلفية الوراثة السياسية، القاعدة يجب أن تكون: الشخص المناسب في المكان المناسب، بمثل هذه المعادلة تبنى الأوطان». وهي تؤكد أنّنا بحاجة ملحة للتغيير في العديد من المفاهيم لتعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار. «هذا التغيير يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعملية التحول الديموقراطي واحترام حقوق الانسان والمفهوم الصحيح للمواطنة. إنّ تغيير الواقع الحالي يقتضي إقرار قوانين انتخابية أكثر عدلًا وأقل تحيزًا». وبرأيها، «إحدى الوسائل الأساسية لتحقيق هذه الغاية هي الكوتا، فتطبيق الكوتا يُعد إحدى آليات تغيير قواعد اللعبة السياسية». وتشير يمّين في سياق متصل بالتشريعات والقوانين إلى أنّ العمل جارٍ لتحديث قانون العمل بما يكفل عدم التمييز بين الرجل والمرأة.

سابقة يجب التأسيس عليها
«إن تولّي ست سيدات مسؤوليات وزارية يعطي لمجلس الوزراء نكهة خاصة» برأي الوزيرة يمّين التي تؤكد أنّ «ما جرى في الحكومة الحالية سابقة يجب التأسيس عليها».
أما لجهة حظوظ الوزيرات بالنجاح في ظل الأزمة غير المسبوقة في لبنان فهي تقول: «النجاح حتمي لأنّ لدى الوزيرات الموجودات في الحكومة جميعهنّ الكفاءات المطلوبة، وقد أبدينّ الاستعداد الكامل للعمل لما فيه مصلحة البلد من دون الأخذ بأي اعتبار طائفي أو سياسي أو حزبي. لذلك، أعتقد أنّ زميلاتي الوزيرات سينجحن في عملهنّ، وما هو ظاهر حتى الآن يؤكد هذا الأمر».
لا شك في أنّ النجاح يقتضي التعاون، وتؤكد الوزيرة يمّين أنّها تلقى كل التعاون والدعم من زملائها في الحكومة ومن العاملين معها في الوزارة، فضلًا عن دعم محيطها، وهذا بحد ذاته يُعطيها دفعًا للعمل أكثر.


خطة العمل
منذ اليوم الأول الذي تولّت فيه مسؤولية وزارة العمل، باشرت الوزيرة يمّين بالتعاون مع فريق في الوزارة وضع خطة عمل منطلقها الأول والأخير الحفاظ على اليد العاملة اللبنانية، وكذلك حماية حقوق الأجانب من الاستغلال.
تتضمن الخطة أيضًا مكافحة الفساد من خلال مكننة الوزارة بالكامل، بالإضافة إلى إعادة هيكلتها، وتفعيل مجالس العمل التحكيمية وتحديد معاييرها. ومن المواضيع المهمة التي تعمل عليها، إعداد مشروع قانون يُحدد معايير إمكانية الصرف وشروطها في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة، وتحديث قانون العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومناقشته مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام وخبراء، قبل تحويله إلى مجلس الوزراء لدرسه وإقراره ومن ثم إرساله إلى مجلس النواب.
وكون وزارة العمل هي وزارة وصاية على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإنّ الخطة تتضمن أيضًا إطلاق مسار إعادة تسمية مجلس الإدارة المنتهية صلاحيته، وملء الشواغر من خلال مباريات في مجلس الخدمة المدنية، وحسم إشكالية اللجنة الفنية واستكمال تعيينها كاملة.
وقد نظمت الوزارة في الآونة الأخيرة، جلسة مشاورات وطنية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية من أجل وضع عقد عمل موحد لحماية العاملين في المنازل، وهناك إجراءات متعددة يُعمل على بلورتها وإطلاقها لما فيه مصلحة اللبنانيين عمومًا والعمال على وجه الخصوص.
في ختام حديثها تُوجّه الوزيرة يمّين رسالة واحدة إلى أولادها وإلى شباب لبنان، فتقول:
«حافظوا على بلدكم، وانتزعوا من أذهانكم فكرة الهجرة، فمستقبل لبنان بإذن الله هو مستقبل واعد، وسيكون للشباب دور كبير في إعادة نهوضه وإعماره».