- En
- Fr
- عربي
مقابلة
ينتظر لبنان موسمًا سياحيًا مميزًا هذا العام، إن قد يفوق عدد السياح القادمين من معظم دول العالم، كل المؤشرات تدلّ إلى ذلك، من الإشغال الفندقي إلى أرقام تذاكر السفر.
ما هي التحضيرات التي تمّت لاستقبال الضيوف هذا الصيف؟ وهل استطاع لبنان استقطاب سيّاح من مناطق جديدة؟ وهل ثمّة عراقيل وصعوبات...؟
حُزمة من الأسئلة حملتها مجلة «الجيش» إلى وزير السياحة أفيديس كيدانيان، وهنا نص المقابلة:
• يعوّل لبنان واقتصاده هذا العام على الموسم السياحي، ما هي توقّعاتكم، وما هي الإجراءات التي اتُخذت في هذا السياق؟
- ما يحدث في القطاع السياحي عظيم، ويوحي بالثورة، وتبيّن النتائج أنّ هذا الموسم مُختلف عن غيره من المواسم السياحية على مدار السنة.
ووفق مؤشر الحجوزات الفندقية، ووكالات السياحة والسفر، تبيّن الأرقام أنّه ابتداءً من أول حزيران، أي بعد نهاية شهر رمضان المبارك، ستكون نسبة الحجوزات في فنادق الخمس نجوم 80%، وقد وصلت في النصف الأول من شهر نيسان إلى 80،2% في فنادق بيروت للفئة نفسها و77،6% في فئة الأربع نجوم.
وأوضح الوزير كيدانيان أنّ نسبة الحجوزات في الفنادق بدءًا من الأول من حزيران المقبل ارتفعت بين 17 و 18 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والأمر يسري على حجوزات طيران الشرق الأوسط MEA، علمًا أنّ مؤشر حجوزات الطيران لا يعني أنّ القادمين جميعًا هم سيّاح أجانب.
وبمقارنةٍ بسيطة بين أول ثلاثة أشهر من العام 2018، والفترة نفسها من العام 2019، نجد أنّ نسب إشغال الفنادق في بيروت، ارتفعت وفق الآتي:
- فنادق الخمس نجوم نحو 22،8%.
- فنادق الأربع نجوم 23،4%.
- فنادق الثلاث نجوم 25،3%.
كذلك، سجّل إشغال الفنادق بجميع فئاتها نموًّا في مختلف المناطق ما يعكس مؤشرات إيجابية لموسمٍ شتوي مزدهر، ولموسمٍ سياحي واعد...
وأضاف الوزير: إنّ هذه المؤشرات الإيجابية تعود إلى ثلاثة أمور:
1- الوضع الأمني المستتبّ، وهو الشرط الأساسي للسياحة.
2- المجهود التسويقي الذي تبذله وزارة السياحة منذ العام 2017 ولغاية اليوم، مستهدفةً أسواقًا أوروبية جديدة، ما أدى إلى زيادة عدد السيّاح الأوروبيين الذين زاروا لبنان خلال العام 2018 بنسبة 30% مقارنة بالعام 2010، الذي اعتُبر الموسم السياحي الأفضل، إذ بلغت عائدات السياحة نسبة 20% من الدخل القومي، وبلغ عدد السيّاح مليونين و200 ألف سائح، أكثر من 40% منهم عرب.
3- رفع المملكة العربية السعودية الحظر عن زيارة الرعايا السعوديين إلى لبنان، والذين يشكّلون الثقل السياحي الأكبر، لأنّهم يمكثون لفتراتٍ طويلة، وحجم إنفاقهم كبير.
وقد بلغ عدد السيّاح السعوديين الوافدين إلى لبنان لغاية اليوم نحو 18000 سائح، أي بزيادة نحو 100% عن عددهم في العام 2018 (نحو 9000 سائح).
واللافت في هذا الإطار، أنّ المؤشرات الإيجابية قد برزت قبل قرار رفع الحظر، وذلك خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة (من 23 كانون الأول 2018 ولغاية 3 كانون الثاني 2019)، بحيث سجّل الإشغال الفندقي وكذلك المطاعم والملاهي نسبًا لامست الـ 100% من الخليجيين، إضافةً إلى المصريين والأردنيين...
• إذا أردنا ترتيب السيّاح وفق جنسياتهم، من هم الأكثر إقبالًا على السياحة في لبنان؟
يأتي العراقيون في المرتبة الأولى، يليهم السعوديون، فالمصريون، فالكويتيون والأردنيون...، أما بالنسبة للسيّاح الأوروبيين، فيأتي الفرنسيون في المرتبة الأولى، ثم البريطانيون، والألمان، والسويديون والإسبان...
وأضاف الوزير كيدانيان: «إنّ هذه المؤشرات الإيجابية هي نتيجة الجهد الكبير الذي نقوم به كلبنانيين لجعل لبنان مقصدًا مميزًا للسياحة العالمية، وذلك من خلال العمل التسويقي المتضمن: المشاركة في المعارض السياحية الدولية، دعوة وزراء السياحة في هذه الدول ووكالات السياحة والسفر لزيارة لبنان وإدراجه ضمن برامجهم السياحية...
أضف إلى ذلك، المقوّمات والمميزات المتنوعة التي يتمتع بها لبنان، لناحية التنوع الحضاري والثقافي، إضافة إلى غنى مطبخه، وحسن الضيافة فيه وهذه ميزة تنافسية مهمة».
• في ظل الظروف التي يمرّ بها لبنان، كيف يمكن رفع مساهمة القطاع السياحي في دعم الاقتصاد، وهل يمكن الاستفادة من تجربة اليونان على هذا الصعيد، خصوصًا أنّكم التقيتم وزيرة السياحة اليونانية؟
- التجربة اليونانية لافتة، لأنّ اليونانيين جعلوا من السياحة الرافعة الأساسية لاقتصادهم المتدهور خلال الأزمة التي أجبرتهم على اتخاذ تدابير تقشّف لنحو خمس سنوات، فقد نجحوا في استقبال نحو 33 مليون سائح في السنة، بعد أن كان العدد 23 مليون سائح. والنجاح تحقّق بفضل العلاقات مع الخارج (الدول العربية والدول الآسيوية وروسيا والصين والهند...)، وبفضل المكاتب التمثيلية لهم في تلك الدول، ومن خلال التعاون الوثيق بين مختلف وزارات الدولة المعنية. كما أنّهم أوجدوا منتجات سياحية وأنظمة جديدة. ويمكن القول إنّ التجربة اليونانية شبيهة إلى حدٍّ كبيرٍ بالتجربة اللبنانية، لناحية الانفتاح وخلق أسواق جديدة. والأهم من كل هذا الإيمان بدور السياحة كرافعة للاقتصاد اليوناني. في لبنان بدأ المسؤولون يقتنعون بأنّ السياحة هي العمود الفقري للاقتصاد، وهذا ما أشار إليه تقرير ماكنزي.
وأشار كيدانيان في هذا السياق إلى وجود اتفاقية موقّعة بين لبنان واليونان، وبناءً عليها، تمّ البحث مع وزيرة السياحة اليونانية في سُبل التعاون بين البلدين على الصعيد السياحي، وتمّ التوافق على خلق منتج سياحي موحّد في ما يختصّ بمشروع طريق الفينيقيين لتسويقه من قبل لبنان واليونان في الأسواق الخارجية، وخصوصًا في الصين وروسيا والهند.
• ما هي أبرز مقوّمات خطة تسويق لبنان التي اعتمدتموها، وهل من تركيز على أنواع معينة من السياحة؟
- كنّا في الماضي نعوّل على السيّاح القادمين من بعض الدول العربية، ولكن منذ نحو السنة، تغيّر نهج وزارة السياحة، وبدأنا سياسة الانفتاح على كل الدول، ولا سيّما المجاورة منها.
وبناءً عليه، أطلقت وزارة السياحة في نيسان الفائت خطة ترويج لبنان سياحيًا بطريقةٍ احترافية، وبالتعاون بين القطاعين العام والخاص.
تتمحور الخطة حول النقاط الآتية:
1- استقطاب السيّاح من الخارج بناءً على دعوة وفود إعلامية وبثّ فيلم ترويجي عبر وسائل الإعلام المرئية ومواقع التواصل الاجتماعي، مع تركيز نحو 80% من النشاطات على الدول الأساسية، إضافة إلى الدول الخليجية والعربية عمومًا. أي التي توجد بيننا وبينها رحلات مباشرة (فرنسا، إنكلترا، ألمانيا، اليونان، قبرص، إسبانيا، وإيطاليا).
2- استهداف الأسواق الجديدة: تخصّص الوزارة 20% من مجمل نشاطاتها للأسواق الجديدة التي يمكن استقطاب مواطنيها للسياحة في لبنان، وهي روسيا والصين والهند.
3- التركيز على دول الاغتراب اللبناني.
4- تعزيز السياحة الداخلية بالتعاون مع البلديات واتحادات البلديات.
5- تحديث التشريعات السياحية: الهدف من هذه الخطوة تسهيل أمور المستثمرين ومنحهم التراخيص الضرورية وتيسير أمورهم.
6- اعتماد أنواع سياحية جديدة: من الأنواع الجديدة التي تدخل ضمن خانة تطوير السياحة: السياحة الترفيهية، السياحة البيئية، السياحة الاستشفائية، سياحة المؤتمرات والسياحة الدينية.
7- الإفادة من تأسيس المنظمة الدولية للرياضة والسياحة من أجل السلام والازدهار P&P for ITSO: انضم لبنان إلى هذه المنظمة التي تشمل 40 دولة، ويمكن من خلالها الترويج للسياحة فيه.
وأضاف: نخطّط للوصول في نهاية الـ 2019 أو أوائل الـ2020 إلى رقم قياسي بعدد السيّاح في لبنان وهو مليونان ومئتا ألف سائح. وقد أصبح عدد السيّاح الأوروبيين بما في ذلك الروس يمثل 33 إلى 34% من العدد الكلي للسيّاح الذين يأتون إلى لبنان، ونطمح اليوم إلى استقطاب 40 إلى 50 ألف زائر روسي.
وختم الوزير قائلًا: «إنّ التعاطي مع الأسواق العربية والأوروبية وروسيا والصين وتفعيل السياحة الداخلية بمختلف أوجهها، والترويج لها، وتأسيس هيئة التنشيط السياحي والعمل على تأمين مواكبة الدولة للسياحة في لبنان، جميعها عناصر ستؤدي إلى موسم سياحي مميّز، لا سيّما وأنّ لبنان، من خلال مقوّماته السياحية وتعدّديتة الثقافية، قادر على تعزيز الروابط مع دول حوض المتوسط والدول الأعضاء في «طريق الفينيقيين» والتعاون مع منظمة السياحة العالمية».
«طريق الفينيقيين «مشروع سياحي
يشمل 18 بلدًا ويعود إلى أكثر من ألف عام
«طريق الفينيقيين» عنوان المشروع السياحي الذي أطلقته وزارة السياحة في لبنان في العام 2015، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية. ويهدف هذا المشروع الذي سيشمل 18 بلدًا ومن بينها لبنان، إلى جذب السيّاح المهتمين باكتشاف حضارة أحد أقدم الشعوب في العالم، والتي يعود تاريخها إلى ما قبل العام 1000 ق.م، وهي تشمل إضافةً إلى كتاباتهم والمنقوش أقدمها على قبر « أحيرام» ملك جبيل، آلهتهم المؤلفة من « إيل» و«عشتروت» و«أدونيس»...
سيمتد الطريق على ألوف الكيلومترات، ليشمل السياحتين البرية والبحرية، فتتفرّع منه عدّة دروب، تتضمن تفاصيل وآثارًا ومعالم تاريخية ستشغل السيّاح وطلاب الجامعات وعلماء التاريخ.