محطة

وسائل الإعلام ركن أساس في بناء الوحدة الوطنية
إعداد: النقيب عباس شاهين

لا بدّ أن يشهد تاريخ الدول بعض المشكلات والأزمات، ولكنّ المهم هو التعامل معها بحكمةٍ وتخطيها بنجاحٍ. تتضافر جهود مؤسسات الدولة كافةً وإرادة الشعب، بالإضافة إلى تعاون الجمعيات والمتطوّعين، من أجل مواجهة مختلف الصعوبات والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد. وجديرٌ أن نذكر أهميّة الدور الذي تؤدّيه وسائل الإعلام في هذا الإطار، وخصوصًا المحليّة منها.

 

في ظلّ العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، يواجه المواطنون ضغوطًا هائلة لناحية تأمين الاحتياجات المعيشية، ناهيك بتلقّي أخبار فقدان أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء. إضافةً إلى ذلك، أحدثت عمليات النزوح ازدحامًا كبيرًا في مختلف المناطق اللبنانية، وتحديدًا في العاصمة بيروت، ما يُلزم بذل الجهود لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة وتأمين اللازم لسد الحاجات. كل ذلك يتطلّب، في الدرجة الأولى، وعيًا جماعيًّا لدى المواطنين والتحلّي بالقيم الأخلاقية وتجنّب الإشكالات؛ ونحن لطالما اعتدنا مشهد الوحدة الوطنية والتفاف اللبنانيّين حول بعضهم في أثناء المحطات الصعبة.

 

من هنا تبرز ضرورة مشاركة وسائل الإعلام في هذه المسؤولية، إذ تؤدّي دورًا محوريًّا في تمتين الوحدة الوطنية وتثبيت العزيمة لدى اللبنانيّين، وكذلك في توجيه سلوك الجمهور لضبط النفس وعدم الانجرار إلى الفوضى، وذلك من خلال:

1 - التزام الاحترافية المهنية: نقل الأخبار بدقة بعد التأكّد من صحة المعلومات من خلال التغطية المباشرة من قبل الصحافيّين والمراسلين، أو الاقتباس من المصدر الموثوق المعني بالحدث من دون تغيير الأسلوب الذي من شأنه إحداث خلل في إيصال الخبر بوضوح.

2 - إظهار الصورة العامة الحقيقية للعلاقة بين المواطنين: تسليط الضوء على المبادرات المجتمعية والفردية ومختلف الجمعيات والمتطوعين الذين هبّوا للوقوف إلى جانب إخوتهم في الوطن.

3 - بث الطمأنينة ورفع المعنويات: تشجيع المواطنين على تحمّل الأعباء وإحياء روح الأمل بالقدرة على تخطّي هذه المرحلة المؤقتة بأقل التكاليف، والحفاظ على اللحمة في ما بينهم، إضافةً إلى إثبات قوة لبنان بتكاتف أبنائه الذين صانوا إرث البلاد بعد أن شهدت تحديات عديدة عبر التاريخ.

4 - إحباط مخطّطات العدو الإسرائيلي للنَّيْل من معنويات المواطنين: عدم عرض مقاطع الفيديو أو الصور التي يهدف العدو من خلالها، وضمن حربه النفسية، إلى استفزاز اللبنانيين أو تحريض بعضهم على بعض. وكذلك، عدم الترويج لجرائم العدو وتضخيم عملياته تحت عنوان تحقيق الإنجازات العسكرية والتفوّق الميداني.

 

في المقابل، قد تتسبّب مواقع التواصل الاجتماعي وظاهرة «المواطن الصحافي» في عرقلة تحقيق وسائل الإعلام النتيجة المرجوّة، إلّا أنّ توحيد توجّه سردية وسائل الإعلام الرسمية والمحلية لما يصبّ في مصلحة الوطن والحفاظ على السلم الأهلي، يُكسبها ثقة الجمهور. نتيجةً لذلك، يُركّز المواطنون اهتمامهم على متابعة محتوى هذه الوسائل، من دون الضياع في متاهة المحتويات السلبية، أو الوقوع ضحية الأخبار المضلّلة أو المغلوطة كتلك المُعَدَّة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.

 

إنّ حرية الرأي والتعبير والتحليل تقف عند حدود المساس بالاستقرار والسلم الأهلي. لذا، من الأهمية بمكان ألّا تسمح وسائل الإعلام باستغلالها من خلال البرامج والمقابلات التلفزيونية لتكون منبرًا لتأجيج الأزمة وإثارة الفتن التي تُشكّل تهديدًا خطيرًا لأمن لبنان واللبنانيّين.

انطلاقًا من الشعور بالمسؤولية والتمتّع بالحس الوطني، تمثّل السلطة الرابعة إحدى الركائز الثابتة في تدعيم الوحدة الوطنية، لما لصوتها من وقعٍ في نفوس المواطنين وصدًى مؤثّر في تحصين الانتماء والولاء إلى لبنان الجامع.