وضع غريب أم ماذا؟

وضع غريب أم ماذا؟
إعداد: العميد الركن الياس فرحات
مدير التوجيه

لو نظرنا الى الوضع في المنطقة العربية، وحكمّنا عقولنا واستخدمنا المقارنات السياسية والتاريخية، لخرجنا بنتيجة ان الوضع غريب فعلاً وقولاً، ولا شبيه له في أي مكان من العالم. ففي العراق توجد دولة، وتوجد قوة احتلال دخلت تحت شعار التحرير، ولا توجد حكومة، لا دائمة ولا مؤقتة، كما لا توجد أجهزة حكومية او إدارية، ويوجد فقط ما اصطلح على تسميته إدارة مدنية للاحتلال تتألف من 600 موظف يديرون بلداً يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة، بلدٍ كثير المشكلات في الإدارة والسياسة وما إليهما، ولا دلائل فيه حتى الآن على إنشاء سلطة وطنية، او إجراء انتخابات حرة، او بناء قوة مسلحة وطنية شرعية. لقد جرت انتخابات مجالس محلية في بعض المدن، ومجالس عشائر في بعض المناطق، لكن ليس هناك ما يؤذن بولادة سلطة وطنية على الدولة التي لا تزال موجودة بشعبها وأرضها وحدودها.
أما في فلسطين، فتطورت رؤية الرئيس الأميركي بوش حول دولتين: فلسطينية وإسرائيلية، وأكتسبت هذه الرؤية شكلها السياسي بمبادرة "خريطة الطريق" نحو السلام. والدولة الفلسطينية الموعودة مؤقتة المواصفات، والمؤقت لا يدوم. إنها دولة يمكن لها أن تلغى أو تتوسع أو تتقلص حسب التطورات، كما أن حدودها غير واضحة، فهل هي حدود 4 حزيران 1967 كما ينص القرار 242، أم هي حدود شارون التي تستثني المستوطنات والقدس والأراضي التي تشكل حاجة أمنية لإسرائيل؟ صحيح ان الشعب في فلسطين موجود، والسلطة الوطنية موجودة، والقوى السياسية واضحة، لكن الدولة غير موجودة، بل هي في مهب الوعد والانتظار.
الراعي الأساسي في فلسطين أميركي، والمحتل - المحرر في العراق أميركي أيضاً. هنا دولة من دون سلطة، وهناك سلطة من دون دولة... وهنا وهناك وعود بضرب الدكتاتورية، ونشر الديموقراطية، وخلق نموذج سياسي واجتماعي وحضاري.
...انه وضع غريب، لكن، هل من شيء آخر؟