معرض

وليس بالسلاح وحده يقاتل جيشنا...
إعداد: د. تراز منصور

مَن حموا لبنان من الإرهاب وقضوا عليه في جرود عرسال وسواها، يطلّون علينا من جديد بوجههم الآخر، وجه حضاري ترتسم ملامحه من خلال أعمال فنية رائعة استخدموا في إنتاجها مواد أولية بسيطة. طوّعوا الحديد وتعاملوا مع الخشب بإبداع ليقدموا منتجاتٍ جميلة، لها موقعها في بيوتنا وحياتنا اليومية، ولها أيضًا قيمتها كرمز لقدرة جيشنا  على التكيّف الإيجابي مع الظروف الصعبة  وابتكار الحلول لمواجهتها.

 

في سياق الدور التنموي الذي حتّمت الضرورة تعزيزه لضمان صمود الجيش والمجتمع على السواء، شهدت القطع العسكرية مبادرات عديدة، من بينها في الفترة الأخيرة المعرض الثاني للمنتجات الفنية الذي نظّمته الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب بالتعاون مع الجيش اللبناني – اللواء اللوجستي في أوتيل لانكستر – الحدث. وقد حضر افتتاحه عددٌ من الدبلوماسيين بالإضافة إلى شخصيات رسمية وفاعليات.

 

إنتاج وإبداع
كلمة رئيس الجمعية الدكتور رامي اللقيس ذكّرت بأنّ هذا المعرض هو امتداد للنسخة الأولى التي سبقته بمبادرة أطلقها اللواء السادس في منطقة بعلبك الهرمل. وأكد أنّ "ما نراه اليوم مبادرة إنتاجية إبداعية تحقّق نوعًا من الاستدامة في عمل المؤسسات. ونحن كجمعية فخورون بالتعاون مع الجيش اللبناني، وذلك لقدرته على تجديد نفسه خاصة في هذا الظرف الصعب، ولأنّه عزّز بتماسكه انتماءنا لوطننا وللمؤسسة العسكرية".
شاهد الحضور قبل جولتهم في المعرض فيلمًا قصيرًا ألقى الضوء على الأعمال والأنشطة والمؤسسات الإنتاجية في اللواء اللوجستي، ومن بينها: معمل مواد تنطيف، معمل خياطة الألبسة ومحطة تكرير المياه... الدهشة التي ارتسمت على وجوههم ما لبثت أن اتسعت حين بدأوا يسيرون في أرجاء المكان معاينين ما أبدعته أيادي العسكريين. تعليقاتهم راوحت بين الإعجاب بالحرفية والدقة التي أنتجت قطعًا  مميزة بجماليتها ومنافِسة بأسعارها.

 

مبادرة يُبنى عليها
يوضح قائد اللواء اللوجستي العميد الركن جوني عقل أنّ هذا المعرض أكبر من الأول الذي سبقه وهو يهدف إلى إبراز قدرات الجيش  في مجالات تتخطى اختصاصه الأساسي، وكيفية  تأقلمه مع الظروف القاسية لتأمين حدٍّ معيّن من الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى إظهار مواهب عسكرييه وقدرتهم على الابتكار، ولا سيّما عناصر اللواء اللوجستي. وقال إنّ الأصداء كانت جد إيجابية ومشجّعة، إذ تمّ شراء الكثير من التحف المعروضة ولا سيما من قبل السياح الأجانب.

في جولتنا بين زوار المعرض رصدنا انطباعات بعضهم، وفي هذا السياق أعرب  نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن حسن جوني عن إعجابه بما يمكن أن يبدعه المقاتلون في الجانب الآخر من حياتهم، وقال : "إنّ اليد التي تتقن التسديد وإطلاق النار، أثبتت أنها يد خارقة ومبدعة، ويمكن أن تقدم أعمالًا فنيّة خلّاقة مُبتكرة تنافس أعمال المحترفين". ورأى أنّه يجب البناء على هذه المبادرة وتطويرها وتعميمها، بما يؤدي إلى تعزيز فلسفة الجيش المنتج، على غرار الجيوش المتقدمة، التي لا يقتصر دورها على الدفاع، بل يتجاوزه إلى تأمين الدعم الاقتصادي، وهي بذلك لا تكون مؤسسات مرهقة للمالية العامة.
وبينما اعتبر السفير الكوري الجنوبي إيل بارك IL Park أنّ المعروضات مميّزة بإتقانها  وجمالها، وأنّ المعرض يعكس جانبًا من جوانب سعي الجيش اللبناني إلى مواجهة الظروف الصعبة، قال الملحق العسكري في السفارة البريطانية المقدم Lee Richard Saunders  "إنّ المعرض جيد ومهم جدًا بالنسبة للجيش ودوره الإنمائي".

 

فخورون بجيشنا
الجودة والمهارة العسكرية تجلّتا في تحف فنية تختلف عن تلك الموجودة في السوق وفق ما يقول لنا المحامي مرعي برّو، وهو إذ يشير إلى أنّ أسعارها منافِسة جدًا،  يدعو إلى دعم اللواء اللوجستي ليتمكن من إنتاج المزيد ولتكون منتجاته بمتناول الشعب اللبناني.  
وفيما عبّر عباس طليس عن سروره بهذه المناسبة وإعجابه بما أبدعته أيادي العسكريين، نوّه حسن لقمان حمادة بجودة منتجات المعرض وتميّزها، مؤكدًا أنّ دعم الجيش اللبناني واجب وطني، وأعربت مايا وهبي عن تأثرها بالقول: لقد حوّلوا جذوع الأشجار وقطع الحديد الصغيرة إلى قطع رائعة...