جيشنا وأهله

يوم صحي في بعلبك: الجيش في خدمة مواطنيه
إعداد: روجينا خليل الشختورة

حملت الحجة أم خضر عكازها ومشت بنشاطٍ افتقدته منذ فترة. توجّهت من بيتها قاصدةً مدرسة القلبين الأقدسين في بعلبك. تقدّم أحد العسكريين فأمسك بيدها وسألها أي طبيب تريد أن ترى. دعت له بطول العمر وقالت: «الله يحميكن يا ابني، بدي شوف حكيم عيون، في حكيم عيون؟ قالولي الجيش جايي ومعو حكما كتير، هيدي عين اليمين مش عم شوف فيا». وفيما رافقها العسكري إلى عيادة طبيب العيون، كانت تواصل الدعاء له ولرفاقه. وكان هناك آخرون كثيرون يتوجّهون إلى العيادات المختلفة وعلى وجوههم علامات الامتنان. «ما بيحنّ عالعود إلا قشرو» قال أحد المسنين مردفًا: «الجيش حدنا بكلّ شي. ألله يحميه وياخد بيدّو».


شهدت ملاعب مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في بعلبك وصفوفها يوم ٢٧ تموز الماضي «عجقة» كبيرة، ولكنّ الوافدين إليها لم يكونوا طلاب العلم والدراسة، إنّما طلّاب الصحة والوقاية... إنّهم أهالي بعلبك والجوار الذين خصصت لهم مديرية التعاون العسكري - المدني CIMIC، بتوجيهٍ من قائد الجيش العماد جوزاف عون، وبالتعاون مع الطبابة العسكرية، ومستشفى القديس جاورجيوس الجامعي (مستشفى الروم)، يومًا صحيًا مجانيًا في مناسبة عيد الجيش.
 

يوم استشفائي مميز
٥٦٢ مستفيدًا، ٢٣ طبيبًا من مختلف الاختصاصات، و٦١ متطوّعًا بين ممرّضين وممرّضات، أرقام سجّلها هذا اليوم الاستشفائي المميّز في إطار الحملة الصحية الوقائية المجانية التي أطلقها الجيش بالاشتراك مع الأكاديمية اللبنانية الأوروبية لطب الطوارئ LEAEM ومستشفى القديس جاورجيوس الجامعي وفريق من الأطباء المتخصصين من الجيش اللبناني.
أقبل سكان بعلبك والجوار بأعدادٍ فاقت التوقعات للاستفادة من هذه المبادرة التي لاقت تقديرًا كبيرًا. الإقبال الشديد لم يؤدِّ إلى أي إرباك بفضل الترتيبات المتّخذة مسبقًا لإنجاح هذا اليوم الاستشفائي الاستثنائي. فالوافدون كانوا يسجّلون أسماءهم عند الوصول فيحصلون على أرقام بغية تنظيم الأدوار وإتاحة فرصة الاستفادة من الخدمات المتوافرة لأكبر عدد ممكن.
شملت الخدمات: فحص القلب وتخطيطه، فحص ضغط الدم، التغذية وأمراض السمنة، الأمراض الجلدية، أمراض السكري، مشاكل السمع والنظر، أمراض البروستات، الكشف المبكر لسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الأمعاء، فحص ترقق العظام، فحص الشرايين وتخطيطها، أمراض الرأس والعمود الفقري والأعصاب، الصحة العامة، أمراض الرئة والعناية بالجروح المزمنة.
في موازاة ذلك، كانت السيدة أنجلا سعد إحدى مدرّبات أكاديمية LEAEM لطبّ الطوارئ في مستشفى الروم، تعطي دروسًا تطبيقية في الإنعاش القلبي الرئوي CPR وفي التعامل مع حالات إغماء واختناق افتراضية. وقد لاقت هذه الدروس متابعةً واهتمامًا واسعَين.

 

التجربة الأكثر نجاحًا
تشير المسؤولة عن الحملة من قبل مستشفى القديس جاورجيوس السيدة لينا مخيبر إلى أنّ المستشفى باشرت تقديم خدمات طبية مجانية منذ ١٦ سنة على كل الأراضي اللبنانية، وتوضح «أنّ هذه التجربة التي لنا شرف القيام بها للمرّة الأولى مع الجيش اللبناني هي الأكثر نجاحًا في تاريخ المستشفى، ولدينا النية بتكرارها في كل المناطق، فهذه الحملات مهمة جدًا في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، وإجراء الفحوصات لتحديد المشاكل الصحية».

 

شكرًا جيشنا
بدوره، توجّه محافظ بعلبك السيد بشير خضر بالتهنئة والشكر للجيش اللبناني الذي أتى إلى المنطقة في عيده ليقدم الخدمات للمواطنين، فبعد نجاحه في تثبيت الأمن في بعلبك يعمل في مجال الخدمات والإنماء، وهذا ما تحتاج إليه بعلبك.
وأضاف: «هذه المؤسسة لم تبخل علينا في أي يوم بتقديم الشهداء من خيرة ضباطها ورتبائها وأفرادها، واليوم نراها إلى جانب المواطنين في ما يحتاجون إليه».
 

نبذل جهودنا لتخفيف الصعوبات
اعتبر مسيّر أعمال مديرية التعاون العسكري - المدني العميد إيلي أبي راشد أنّ «هذا النشاط يندرج في إطار سعي الجيش إلى المساعدة قدر المستطاع في تخفيف وطأة الصعوبات المعيشية على المواطنين. لقد أتينا إليهم لنرى كيف يمكننا تقديم المساعدة، وإن شاء الله ستتكرر هذه الخطوة في أكثر من منطقة، وسنعيد التجربة هنا مرة ثانية».
 

بلسم لأوجاع الفقراء
كذلك، كان لرئيس بلدية بعلبك السيد فؤاد بلوق كلمة في المناسبة إذ قال: وضع الجيش اليوم يده على الجرح، وعمل على بلسمة أوجاع الشعب الفقير ملامسًا معاناته الصحية. وهو إذ ارتاح من الحروب، يعمل في إطار تقديم الخدمات ويقف إلى جانب أهله.