حدث رياضي

15 عامًا وبيروت تواصل الركض لقضايا إنسانية
إعداد: روجينا خليل الشختورة

48000 مشارك في سباق بلوم بيروت ماراثون   2017 والجيش يسجل أرقامًا جديدة

 

احتفل «ماراثون بيروت الدولي» هذه السنة بالذكرى الخامسة عشرة لانطلاقه، مواصلًا مسيرته المميّزة بزخمٍ واندفاع تحت شعار «15 سنة ورح نضلّ نركض».
تراكم الخبرة والتجارب زاد من تألّق هذه المحطة السنوية التي جمعت في بيروت هذا العام، 48 ألف مشارك من 110 جنسيات حول العالم، شكّلوا لوحات بشرية اخترقت الشوارع. محترفون وهواة ركضوا «معًا لغدٍ أفضل». وتلبيةً لطلب رئيس الجمهورية، سجّلت محطات السباق وقفات تضامنية مع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان قد شارك سابقًا في نسختي العام 2009 و2016.

 

في طليعة المشاركين في السباق، اللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون عقيلة رئيس الجمهورية راعي السباق، ووزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف، بالإضافة إلى شخصيات سياسية وممثلي بلديات واتحادات وأندية رياضية وجمعيات خيرية وكشفية وهيئات وقطاعات حكومية وأهلية ومؤسسات إعلامية محلية وعربية وأجنبية، والرياضيين المحليين والأجانب.
انطلق السباق الأول (مسافة الماراثون 42,195 كلم) مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة يتقدمهم أعضاء في النادي اللبناني للدراجات النارية على دراجاتهم، وأعقبهم العداؤون والعداءات الذين يحملون تصنيفات ذهبية وفضية وبرونزية. ومن ثمّ سباق البدل ونصف الماراثون و1 كلم و5 كلم تنافسي و8 كلم للمرح... وقد تولّت شخصيات رسمية إعطاء شارات الإنطلاق التي سبقها النشيد الوطني أنشده الفنان غبريال عبد النور ولوحات فلكلورية.
وفي النتائج الفنية للسباق، فقد أصابت التوقعات التي أشارت إليها إدارة السباق في جمعية بيروت ماراثون، إذ أدّى اعتماد مسار، هو الأسرع لتاريخه، إلى تعزيز رقم سباق الماراثون عند الرجال. فقد سجّل الكيني دومينيك روتو رقمًا جديدًا بلغ 41: 10: 2 س، وعند السيدات تمكنت البحرينية أونيس تشومبا من تعزيز الرقم عند السيدات فسجلت توقيتًا جديدًا هو 38: 28: 2 س.
وعند اللبنانيات تمكنت شيرين نجيم من تسجيل رقم جديد هو 00: 45: 2 س، وفي سباق الرجال اللبنانيين، تألّق الجيش اللبناني بعسكرييه المشاركين إذ حافظ المعاون أول حسين عواضة على مركز الصدارة وسجّل 14: 34: 2 س، تلاه الجندي زاهر زين الدين في المركز الثاني، والمؤهل أوّل نقولا مرتا في المركز الثالث. وفي سباق النصف ماراثون، حلّ الرقيب أوّل حسين قيس في المركز الثاني، والعريف أول عمر عيسى في المركز الثالث. وفي سباق الـ8 كلم، حلّ الجندي نور صبح في المركز الأول والمجند الممددة خدماته محمد حيدر في المركز الثاني. أمّا في سباق البدل، فقد حلّت فرق الجيش في المركزين الثاني والثالث.
كانت نقطة الوصول في ساحة الشهداء حيث أقيم حفل توزيع الجوائز على الفائزين بعد إعلان النتائج بإشراف حكام الإتحاد اللبناني لألعاب القوى. وشهد السباق أجواء ترفيهية فنية ورياضية، وكان نجمه الفنان ناصيف زيتون.

 

من البداية
?«القصة صار عمرها 15 سنة»، تقول مؤسسة الماراثون السيدة مي الخليل، التي حوّلت معاناتها بسبب حادث مروّع، إلى مصدر قوّة، فكانت فكرة «بيروت ماراثون»، وكان أوّل سباق ماراثون في لبنان وفي الجوار العربي.
كان ذلك في العام 2003، يومها أقيم الماراثون تحت شعار «ركضي ركضي يا بيروت». كانت فكرة جديدة، وعلى الرغم من ذلك، شارك فيه 6 آلاف عدّاء وعدّاءة من 46 دولة عربية وأجنبية.
تضاعف عدد المشاركين في النسخة الثانية، ونال السباق شهادة من المنظمة الدولية لسباقات الطرق AIMS لكونه الأسرع نموًّا في منطقة الشرق الأوسط.
عامًا بعد عام، ازداد الإقبال على السباق، ففي العام 2007 بلغت أعداد المشاركين 30 ألفًا، وكانت سنة التألّق وتأكيد أهمية الحدث الذي رعاه بنك لبنان والمهجر لمدّة ستّ سنوات. وبالتالي، أصبح اسم السباق «بلوم بيروت ماراثون».
تضيف السيدة الخليل، في العام 2010، جاءت نسخة السباق على درجة عالية من التنظيم، وحصلنا بذلك على التصنيف البرونزي من الاتحاد الدولي لألعاب القوى، وعلى بداية الحضور على الخارطة الدولية.
بعد عشر سنوات من النجاح (2013)، عقد مصرف لبنان شراكة مع الماراثون لمدّة 3 سنوات، إذ رأى حاكم المصرف السيد رياض سلامة في هذا الحدث الرياضي دافعًا لتحريك العجلة الاقتصادية. وبالفعل شارك في سباق «مصرف لبنان بيروت ماراثون الأول» الذي حمل شعار «منركض للبنان»، 36 ألفًا من 93 دولة.
في الـ2014، كان السباق تحت شعار «سلام، محبة، ركض»، وكان ضيفه العداء الأسطوري الأثيوبي هايلي جبر يسيلاسي الذي شكّل وجوده علامة فارقة، وقد اعتبر أنّ الماراثون في لبنان من أهمّ الماراثونات التي حضرها وشارك فيها.
تتابع السيدة مي قائلة: في العام 2015، حقّقنا الإنجاز الكبير، إذ نلنا التصنيف الفضّيّ من الاتحاد الدولي لألعاب القوى. أمّا عدد المشاركين فارتفع إلى 37 ألفًا و811 شخصًا من 84 دولة. حضرت السباق يومها بصفة ضيفة، العداءة البريطانية الشهيرة بولا رادكليف، التي كان لها انطباع رائع وشهادة في الاحترافية التي اتّسم بها ماراثون بيروت.
في السنة الماضية، تتابع السيدة الخليل: نظّمنا سباقًا نجح بكلّ المعايير التنظيمية واللوجستية والفنية، كان شعاره «منركض لبعيد». وقد حلّ فيه ضيفًا رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، البريطاني سيباستيان كواللي الذي قال إنّ ماراثون بيروت لا يقلّ كفاءة تنظيميّة عن الماراثونات التي تابعها حول العالم ويفوق عددها الـ45.

 

نحو العالمية
تؤكّد السيدة الخليل، لن نتوقّف هنا، «مكفيين» بإيمان وإرادة وعزيمة، سوف نطوّر نشاطاتنا ونطلق أفكارًا جديدة في عالم رياضة الركض، ونعزز المستوى الاحترافي.
صحيح أنّنا أكّدنا حضور لبنان على الخارطة الدولية، لكنّ طموحنا أكبر بكثير ولا حدود له. الإنجاز الأخير للجمعية كان دوري الماراثونات الآسيوية APM، فقد أصبحت بيروت على روزنامة النشاطات الماراثونية الآسيوية، التي سيشارك فيها عداؤون وعداءات من لبنان، وفي المقابل، يشارك أبرز العدائين الآسيويين في ماراثون بيروت.

 

تعزيز ثقافة الركض
تسعى «جمعية بيروت ماراثون» إلى تعزيز ثقافة الركض في لبنان، وفق ما يخبرنا المسؤول الإعلامي فيها السيد حسّان محي الدين. وهو يضيف: الأرقام القياسية في كلّ عام لجهة أعداد المشاركين والتي تجاوزت في الأعوام الأخيرة الـ37 ألف، أمر بات معلومًا. غير أنّ غالبيّتهم يشاركون في سباق الـ10 كلم، ما يؤكّد الحاجة إلى زيادة المشاركة في سباق الماراثون (42 كلم). لذلك، كانت لنا عدّة خطوات هادفة لرفع العدد في هذه الفئة، فأطلقنا البرنامج التدريبي #بيروت 542 منذ 3 سنوات، بالتعاون مع الاتحاد اللبناني لألعاب القوى والمعهد الأنطوني والمركز الطبي للجامعة الأميركية. يهدف البرنامج إلى تطوير قدرات العدائين والعداءات في لبنان ليصبحوا مؤهّلين لاجتياز مسافة الماراثون كاملة، ومدةّ هذا البرنامج 5 أشهر.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقنا البرنامج التدريبي #510 للسيدات بهدف حثّ المرأة على تنمية قدراتها وتعزيز ثقتها بنفسها. هذا البرنامج أيضًا يستمرّ لخمسة أشهر لتدريب الراغبات على الركض لمسافة 10 كلم. كما أضفنا سباق الشباب بهدف إعداد جيل من العدائين الشباب.
إلى ما سبق، يقول السيد محي الدين: في السنة الماضية، قدّم أصحاب الأيادي البيضاء مشكورين، 11 كرسيًا متحرّكًا لذوي الاحتياجات الخاصة المشاركين في الماراثون. كنّا فعلًا بحاجة إليها، والمفاجأة التي يحملها هذا العام هي مضاعفة عدد الكراسي إلى 22، ما سيؤمّن مشاركة عدد أكبر من العدّائين في هذه الفئة، خصوصًا أنه تمّ اعتماد برنامج خاص بهم.

 

نركض لأجل قضية
«نركض لأجل قضية»، تجسّد هذه العبارة الهدف الأساسي لـ«جمعية بيروت ماراثون». وفي هذا السياق كان التركيز على برنامج الشراكة الخيرية في العام 2010 للتشجيع على ثقافة العطاء. وقد اعتمدت الجمعية نظام «التعهّد»، وهو مصدر أساسي للتمويل وجمع التبرعات. كانت لهذا النظام 3 تجارب ناجحة قدّمت خلالها الدعم لكلّ من: «برايف هارت» التي تعنى بتغطية جراحة القلب للأطفال، ومتضرّري تفجير الأشرفية عام 2012، والجمعية اللبنانية للتوحّد.