مفكرة 2014

2014 إقتصاديًا خيبات أمل... وتراجع الذهب والنفط
إعداد: تريز منصور

شهد العام 2014 سلسلة أحداث إقتصادية عالمية ومحليّة طبعت العام الإقتصادي بتأثيراتها. لبنانيًا شكّلت المطالب المعيشية والإجتماعية العنوان الأبرز في ظلّ أزمة سياسية متفاقمة، أدّت إلى فراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، وعجز في مواجهة قضايا ملفات ملحّة من بينها ملف النازحين السوريين وتداعياته، والدين العام وسواهما...
عالميًا دخل النفط حلبة الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا فتراجعت أسعاره، كذلك تراجعت أسعار الذهب.


إحتجاجات مطلبية بالجملة والسلسلة رحّلت
الأجواء العامة إتّسمت بتصعيد كبير وصل في بعض الأحيان إلى الإضراب العام وإقفال الطرقات وصولًا إلى عدم إجراء الإمتحانات الرسمية وإعطاء التلامذة إفادات بدلًا من الشهادات. الإحتجاجات المطلبية شملت عدة قطاعات وشارك فيها القطاع العام. وإضافة إلى القطاع التربوي، شهد لبنان إضرابات في قطاع النقل والطيران، كما احتجّ موظفو المصارف والمزارعون والصناعيون...
«السلسلة رُحّلت»، بهذه العبارة يمكن اختصار ما آلت إليه الأمور بشأن سلسلة الرتب والرواتب، بعد إعادة الملف الى اللجان النيابية المشتركة مطلع تشرين الأول 2014.
هيئة التنسيق النقابية ومعها آلاف الموظفين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين تلقوا دفعة جديدة من خيبة الأمل، بعدما وصلت الى حائط مسدود، سنوات النضال من أجل إقرار سلسلة رتب ورواتب عادلة.
المعطيات والجولات والإجتماعات التي تمّت خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت تشير إلى أنّ إقرار السلسلة أصبح واقعًا وكان ليتمّ خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في الأول من تشرين الأول الفائت، ولكن كل الآمال أطيحت.
 ومن ناحية أخرى عُلم أن السلطات النقدية والمالية اللبنانية تسلّمت في الأيام القليلة االتي سبقت إنعقاد الجلسة النيابية تحذيرات شديدة اللهجة من مؤسسات مالية دولية على رأسها البنك وصندوق النقد الدوليّان، حول التداعيات المحتملة لإقرار السلسلة على الإقتصاد اللبناني والعجز العام في الموازنة، وعلى تصنيف لبنان الائتماني وسلامة الليرة.
مياومو الكهرباء
في اليوم الـ117 (5-12-2014) على اعتصام المياومين وجباة الإكراء، فُتحت أبواب «مؤسـسة كهرباء لبنان» وعادت المياه إلى مجاريها. وبعد أشهر طويلة من الإعتصام والمطالبة والإضراب عن العمل والطعام، استطاع المياومون البالغ عددهم 1600مياوم، انتزاع اتفاقٍ سياسي يقضي بإخضاعهم لمباراة مجلس الخدمة المدنية لتثبيتهم، خلافًا للمذكرة التي كان أصدرها المدير العام لمؤسسة الكهرباء وحدّد فيها الشواغر بنحو 879 وظيفة.

اللاجئون السوريون
اعتبر البنك الدولي في دراسة أعدّها ونشرها في آخر تشرين الأول أن كلفة اللاجئين السوريين في لبنان الإجمالية على مدى سنتين، تناهز السبعة مليارات ونصف المليار دولار، والدولة اللبنانية تتحمّل قسمًا كبيرًا من هذا المبلغ، إذ أن اللاجئين يستعملون البنية التحتية اللبنانية ويستفيدون من الخدمات الإجتماعية والتربوية، فضلًا عن خلق منافسة غير عادلة في سوق العمل، وحصول إضطرابات أمنية ناتجة عن هذا الوجود. في المقابل، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في أواخر العام المنصرم، أنّ خسائر لبنان الاقتصادية منذ بداية الأزمة السورية، تجاوزت 30 مليار دولار.

الدين العام
الأعباء والتحدّيات والأزمات التي يعيشها لبنان رتبّت مزيدًا من الضغوط على الإقتصاد اللبناني المثقل أساسًا بمشكلات مالية عامة واختناقات سياسية. وأشار صندوق النقد الدولي في أكثر من تقرير إلى أن لبنان يحتلّ المرتبة الرابعة عالميًا من حيث حجم الدين العام نسبة إلى الناتج الوطني الإجمالي. وقد لامس حجم الدين العام في نهاية تموز 2014 الـ 98.917 مليار ليرة (أي ما يوازي 65مليار دولار) مقابل 95.696 مليارًا في نهاية العام 2013.
وسجّل الميزان التجاري في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2014، أي حتى نهاية نيسان، عجزًا تراكميًا بقيمة 5 مليارات و964 مليون دولار. ونتج هذا العجز عن ارتفاع فاتورة الاستيراد وتراجع الصادرات.

مشروع الفاقد الغذائي
30 أيلول 2014 أطلقت وزارة الزراعة المشروع الإقليمي بعنوان «بناء القدرات لتقليل الفاقد الغذائي في الشرق الأدنى»، بالتعاون مع «منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة».
يشمل المشروع لبنان، مصر، الأردن وإيران ويرتكز على موضوع فاقد الأغذية والهدر الغذائي، ويلاقي هذا الملف أهمية عالمية، ولا سيّما أن ثلث الغذاء المنتج للإستهلاك يفقد أو يهدر منه حوالى 1.3 مليار طن سنويًا. وجاءت هذه الورشة في وقت تعاني فيه منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا مشكلة كبيرة في ما يتعلق بفاقد الأغذية والهدر الغذائي، الذي تقدر كميته بحوالى 250 كيلوغرامًا للشخص الواحد، وتتخطى كلفته 60 مليار دولار سنويًا.

حملة وزارة الصحة والأمن الغذائي
في 5 تشرين الثاني 2014، أطلق وزير الصحة وائل أبو فاعور حملة سلامة الغذاء، وأعلن أسماء جميع المؤسسات المعنية المخالفة. واستند أبو فاعور إلى نتائج تحليل العيّنات الذي تمّ في مختبرات وزارة الصحة.

الذهب والنفط
عالميًا سجّل تراجع في سعر الذهب والنفط وفرض التحالف الدولي عقوبات على روسيا... فقد تراجع سعر الذهب خلال العام 2014، بحيث بلغ سعر الأونصة 1172 دولارًا أميركيًا مطلع كانون الأول، وهو أدنى مستوى وصل إليه منذ أربع سنوات. ويرى المراقبون أن ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العمولات الرئيسية، كان له الأثر في هبوط سعر الذهب، ولا سيّما بعد قرار المجلس الإحتياطي الإتحادي الأميركي (البنك المركزي) بإيقاف خطط التيسير الحكومية. ويتوقع أن يستمر تأثير العملة الأميركية وسعر صرفها على أسعار الذهب خلال العام 2015، وسيبقى المستثمرون بحالة من الترقّب والحذر.
بدوره هبط برنت الخام لأول مرة منذ ست سنوات (تموز 2009) إلى ما دون الستين دولارًا للبرميل الواحد، وسط زيادة الإنتاج وضعف الطلب، في حين أحجمت منظمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك) عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار. وأظهرت البيانات إنكماش القطاع الصناعي في الصين للمرة الأولى في سبعة أشهر ما يعززّ بيانات تشير إلى مزيد من الضعف في ثاني أكبر إقتصاد في العالم. ويقول المحللّون إن ضعف الأسواق الناشئة وهبوط عملاتها يعزّز اتجاه أسعار النفط إلى مزيد من الانخفاض.

العقوبات على روسيا
نتيجة احتدام الصراع العالمي ونشوء الأزمة الأوكرانية، فرض التحالف الدولي ولا سيّما أميركا عقوبات إقتصادية على روسيا. شملت العقوبات أكبر المصارف الروسية وشركات طاقة والمصالح التجارية ورجال الأعمال... لكن ضررها لن يقتصر على روسيا بل أنه يشمل واشنطن، والإتحاد الأوروبي.
فالمعلوم أن حجم التجارة بين روسيا والولايات المتحدة قارب العام الماضي الأربعين بليون دولار، وفق غرفة التجارة الأميركية، إذ صدّرت الولايات المتحدة إلى روسيا بقيمة 11.26 بليون دولار واستوردت منها بقيمة 26.96 بليون. وتصدّر روسيا ما قيمته حوالى 19 بليون دولار من النفط ومشتقاته إلى الولايات المتحدة، إلى جانب أسمدة بقيمة بليون دولار، وهي مواد يُستبعَد أن تستغني عنها واشنطن أو تجد لها بديلًا بسرعة.
وفي ما خصّ التجارة مع الإتحاد الأوروبي، تصدر دول الإتحاد نصف واردات روسيا وتستورد نصف صادراتها. وسجلت التجارة الروسية - الأوروبية في 2012 حوالى 123 بليون دولار.
ويعاني الاقتصاد الروسي أزمتي العقوبات الأوروبية على موسكو بعد الأزمة الأوكرانية، وهبوط أسعار النفط بنحو40 في المئة منذ حزيران الماضي، ما خفّض إيرادات الموازنة الروسية من قطاع النفط والغاز إلى نحو النصف.
ولا بدّ من الإشارة هنا، إلى أن لبنان قد استفاد من هذه العقوبات، بحيث أتيحت أمامه فرصة ذهبية، وهي فتح الأسواق الروسية أمام المنتجات اللبنانية، ولا سيّما المنتجات الغذائية والمجوهرات...

تداعيات إيبولا
أطلق فيروس إيبولا الذي ظهر في آذار 2014، حالة من التوجّس في أنحاء مختلفة من العالم، وحذّر البنك الدولي من تأثير يُحتمل أن يكون كارثيًا على بعض الإقتصادات الإفريقية، وعلى أوروبا التي أصابها الهلع بعد حالات محلية من هذا المرض الفتّاك. كما أن أسعار أسهم شركات السفر والمناجم تراجعت. ولقد أصبح فيروس إيبولا خطرًا يهدّد الأسواق المالية أيضًا، إلا أنه لا يتصدّر حتى الآن قائمة مصادر قلق المستثمرين العالميين، التي لا يزال يهيمن عليها ضعف النمو الاقتصادي العالمي، وتوقيت الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة.
لكن المخاوف بشأن الخسائر المالية، فضلًا عن البشرية، بسبب انتشار الفيروس الذي ألقى الضوء على جانب خطير من العولمة، لا تعمل على تهدئة قلق السوق. وحذّر تقرير صادر عن بنك باركليز من أنه في حال انتشر فيروس إيبولا على نطاق واسع، سيكون تأثيره على الاقتصاد والأسواق في العالم أكبر من تأثير انتشار فيروس الإلتهاب الرئوي الحاد (سارس) في العام 2003.