- En
- Fr
- عربي
جيشنا
المعاون كرستينا عباس
بعد عملهم الرائد في مجال بناء القدرات لحماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ، والذي يُعدّ الأول من نوعه في المنطقة ويقدّم الفرصة لتبادل الخبرات في هذا الشأن، دعت منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) فوج الأشغال المستقل إلى المؤتمر الدولي لليونسكو الذي نظّمته بعنوان «التراث الثقافي والسلام: البناء على مرور 70 عامًا على اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح» الذي استضافته مملكة هولندا، والذي أقيم في لاهاي، من 13 إلى 15 أيار من العام 2024.
مثّل هذا المؤتمر انطلاقة للاحتفالات العالمية بالذكرى السبعين لاتفاقية لاهاي للعام 1954، وهدف إلى توفير منصة لمناقشة الدور المحوري لهذه الاتفاقية وبروتوكوليها (1954 و1999) في تعزيز السلام المستدام. شارك قائد فوج الأشغال المستقل العميد الركن يوسف حيدر كمتحدّث في الجلسة المتعلقة بـ «بناء القدرات العسكرية في مجال حماية الممتلكات الثقافية» Building Military Capacity on Cultural Property Protection، وذلك تقديرًا لعمل الفوج المميز الذي يقوم به من خلال مركز التدريب على حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ «CPPER» الذي تم افتتاحه في نيسان عام 2023 الماضي، وهو مركز فريد من نوعه في المنطقة مع مساحة لتبادل التدريب والخبرات مع القوى العسكرية الأخرى والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية. فكيف كانت هذه المشاركة خصوصًا أنّها المرة الأولى التي يشارك فيها عسكريون في الـ World Forum في لاهاي- هولندا.
خلال المؤتمر، تحدّث قائد الفوج عن خبرات الجيش اللبناني في مجال بناء قدرات الجيش والعسكريين لحماية الممتلكات الثقافية في زمنَي السِلم والحرب. وكان السؤال الأبرز لدى الحضور حول المركز الذي أنشأه الفوج للتدريب والتدخّل لحماية هذه الممتلكات، والاهتمام الذي توليه قيادة الجيش عبر دعمها المستمر لجهود فوج الأشغال المستقل ومهماته في المحافظة على الممتلكات الثقافية في حالات الطوارئ، خصوصًا أنّه من بين مجموع الدول المنتسبة إلى المنظّمة ثمة فقط ثلاث أو أربع دول نفّذت البند السابع المعني بإنشاء وحدة عسكرية خاصة تُعنى بحماية الممتلكات الثقافية في الحروب أو في وقت السلم.
كيف فعلتم ذلك؟
شرح العميد الركن حيدر أنّ انفجار مرفأ بيروت في العام 2020 كان نقطة تحوّل في مجال حماية الممتلكات الثقافية في لبنان، إذ اضطر الفوج للتدخل في المناطق المجاورة للمرفأ بالإضافة إلى العمل داخله بحكم الحاجة والظروف، ومعالجة الردميات التي تبيّن وجود أحجار أثرية وتاريخية فيها تستوجب طريقة مختلفة عن الطرق التقليدية لإزالة الردميات.
لهذه المهمة تمت الاستعانة بخبراء من المديرية العامة للآثار وجمعية «بلادي» التي تعنى بحماية الإرث الثقافي. استتبع ذلك التدعيم الخاص الذي أجري على المبنى التاريخي لوزارة الخارجية والمغتربين في قصر بسترس. وقد أقيمت أول ورشة عمل من قبل الـ BLUE SHIELD INTERNATIONAL وتم توزيع شهادات على العناصر الذين شاركوا في تنفيذ مهمة التدعيم الخاص.
ولهذا، تم إطلاق برنامج «جهوزية» التدريبي في العام 2021 بالتعاون مع جمعية «بلادي»، وهو برنامج يتضمّن ثلاثة مستويات: أساسي (أسبوع واحد)، متقدّم (3 أشهر) وتدريب المدرّبين (4 أشهر)، يهدف إلى بناء القدرات في مجال حماية الممتلكات الثقافية في حالات الطوارئ والأزمات. وقد تم تدريب حوالي 300 عسكري من مختلف الرتب بين مستوى أساسي، متقدم ومستوى مدرب.
تطوير القدرات
وتحدّث العميد الركن حيدر عن المراحل التي مرّ بها فوج الأشغال لتطوير قدرات عسكرييه في هذا المجال والتي تُوّجت بإنشاء مركز Cultural Property Protection and Emergency Response- CPPER وغرفة وبقعة محاكاة وفريق متحرك مجهّز بتقنيات حديثة تسهم في إنجاز مختلف الأعمال الموكَلة إليه، وتضم بقعة المحاكاة قطعًا أثرية وثقافية حقيقية يمكن التدرّب عليها ضمن قواعد محدّدة، وهذا المركز الوحيد في العالم الذي يتضمّن قطعًا حقيقية بالإضافة إلى مشغل التدريب على الترميم التابع له.
أما مع الجيوش الصديقة فقد تم التدريب مع فريق إيطالي في دورة الـCarabinieri عام 2023 المستوى الأساسي لمدة أسبوعين، وفي العام 2024 المستوى المتقدم لمدة أربعة أسابيع، وهي دورة تُقام فقط في مركز متخصص في إيطاليا. إلى جانب دورات تدريبية مع الفرنسين DELPAT عام 2023 وعام 2024.
كان لتجربة فوج الأشغال المستقل وخبراته أثرٌ واضح في مقررات المؤتمر، إذ كان من أهمها أنّ المنظمة ستتعامل مباشرةً مع الجيوش في موضوع الممتلكات الثقافية وليس فقط عبر المنظمات غير الحكومية، فالجيوش تتولى عادة حماية هذه الممتلكات، لذلك من المهم تدريبها لإتمام مهماتها الثقافية على أتمّ وجه.