- En
- Fr
- عربي
دراسات وأبحاث
من سياسة الجغرافيا إلى جغرافيا السياسة
تمثّل القواعد العسكرية الأجنبية في سوريا حدود الصراع الدولي القائم على الأراضي السورية منذ سبع سنوات. وهي ترسم من خلال جغرافية انتشارها خطوط السياسات والأدوار الدولية المتعارضة والمتضاربة وحدود مصالحها في المنطقة. وبذلك يمكن القول إن السياسة الدولية في سوريا تحولت من سياسة بناء القواعد العسكرية لخدمة سياسة الجغرافيا، إلى سياسة بناء القواعد العسكرية لخدمة جغرافيا السياسات.
لم تعد هذه القواعد سرّية، بل أصبحت معروفة بمناطق توزّعهــا وتبعيّتهـــا... ولعـلّ أبرز الدول التي أنشأت قواعد لها في سوريا هي: روسيا الاتحادية، الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، إيران وتركيا، إضافة إلى بعض القوى العسكرية والأحزاب. ولا يمكن إغفال الدور الإسرائيلي كقاعدة متحركة في دعمه اللوجستي والعسكري لبعض الميليشيات في منطقة الجنوب السوري والجولان المحتل.
القواعد الروسية
عمدت روسيا إلى استغلال أي منطقة يتم السيطرة عليها واستثمارها لإقامة مبانٍ ومنشآت تابعة لها، وقد تبيّن أنّ لها في سوريا 3 قواعد رئيسة تعتبر قاعدة طرطوس البحرية أهمها، وقواعد أخرى ثانوية، بعضها ما زال قيد الإنشاء، وذلك في إطار اتفاقات خاصة مع الدولة السورية. وتتوزّع القواعد الروسية على الأرض السورية كما يأتي:
- قاعدة مطار حميميم الجوية:
تقع جنوبي شرقي مدينة اللاذقية في الشمال السوري، وقد أقيمت بناءً لاتفاق رسمي مع الحكومة السورية في آب من العام 2015، وفي نهاية العام 2017 تردد أن روسيا قرّرت تحويل هذه القاعدة إلى مركز أساس في مكان تواجدها العسكري الدائم في سوريا، علمًا أنها نشرت فيها منصّات صواريخ الدفاع الجوي «س 400» المضادة للطائرات والصواريخ وطائرات «سوخوي 24» و«34 س» و«سو35»، و«توبوليف تي يو 214 أر»، بالإضافة إلى طائرات الهليكوبتر المساندة «مل مي 8» و«مل مي 24»، وطائرات الاستطلاع والتأمين والقيادة الجوية والطائرات المسيّرة...
تتمتّع قاعدة حميميم بالسيطرة البرية على مسافة 10 كم حول المطار بعد إخلائها من أي تواجد مدني أو عسكري سوري، وإنشاء ثكنات برية روسية في دائرة بعمق 70 كم أكبرها تلك التي أنشئت في منطقة سلمى وجبلي التركمان والأكراد.
على أثر محادثات مؤتمر جنيف للسلام في سوريا (آخر شباط 2016) أقيم في القاعدة مركز للتنسيق بين الأطراف المتنازعة باستثناء «داعش والنصرة» والمنظّمات الإرهابية الأخرى وفق تصنيف الأمم المتحدة. كذلك تحتوي القاعدة مركزًا رئيسًا لجمع المعلومات الاستخباراتية عن طريق اعتراض الإشارات.
- قاعدة طرطوس البحرية:
تقع في مرفأ طرطوس، وتبعد عن مطار حميميم نحو 50 كلم. وهي قاعدة إمداد وتموين للسفن الروسية العسكرية في البحر المتوسط، كذلك تحوي وسائل اتصال وتجسّس ومراقبة في منطقة شرقي البحر المتوسط، والشرق الأوسط، وتعتبر قاعدة الانتشار العسكري الروسي في منطقة الساحل السوري بريًا وبحريًا وجويًا.
- مطار حماه العسكري:
يقع قرب مدينة حماه شمالي سوريا، ويشكل قاعدة عمليات ومهمات حربية.
- قاعدة تدمر:
تقع في ريف حمص الشرقي، وهي قيد البناء، وتعتبر رابع أكبر قاعدة روسية في سوريا، حيث تضم قواتًا هندسية وقواتًا خاصة ويوجد ضمنها نقاط انطلاق للمروحيات العسكرية، بالإضافة إلى مفارز ونقاط عسكرية تابعة لها حول تدمر.
- قاعدة ومطار جنديرس:
تقع في منطقة عفرين – حلب في الشمال السوري، وهي قيد الإنشاء بناءً لاتفاق مع قوات «قسد» (قوات سوريا الديمقراطية)، وذلك وفق الناطق باسم وحدات الحماية الكردي.
- قاعدة مطار الضبعة:
يوجد هذا المطار في ريف حمص وسط سوريا، موقعه مهم واستراتيجي وتجري عملية توسيعه، وتجهيزه.
- قاعدة مطار المزة العسكري:
تقع في دمشق، ويستخدم هذا المطار لتأمين خدمات لوجستية، بالإضافة إلى القيام بمهمات عسكرية جوية في منطقة ريف دمشق.
- قاعدة مطار كويرس:
تقع في ريف حلب، وتعتبر الآن ثالث أكبر قاعدة عسكرية روسية في سوريا، حيث تضم قواتًا برية قوامها كتيبة قوات خاصة وكتيبة مشاة وثلاث كتائب دفاع جوي من ثلاثة طرازات مختلفة (س200، بوك2، بانتسير س)، إلى جانب محطات رادار متطورة لكشف الأهداف الجوية على مسافات كبيرة جدًا، كما يمكن اعتبار مطار كويرس مهبطًا احتياطيًا للطائرات الروسية العائدة من شرقي سوريا.
- قاعدة جبل زين العابدين:
تقع في ريف حماه، وتحتوي على قوات الحرب الإلكترونية، وقاعدة لراجمات الصواريخ من طراز «سميرتش» و«أوراغان 27» تغطّي عمق 90 كلم.
- قاعدة بلدة خربة رأس الوعر:
تقع في ريف دمشق – بئر القصب، وهي ثاني قاعدة عسكرية روسية في دمشق بعد مطار المزة.
- قاعدة مطار الشعيرات:
تقع في ريف حمص، ومهمتها تعزيز تواجدها في وسط سوريا.
الانتشار العسكري الروسي في سوريا
في 1/10/2016، كان هناك نحو 4500 عسكري روسي في سوريا، وفق تصريح وزارة الدفاع الروسية التي عادت وصرّحت في العام 2017 عن وجود نحو 6000 عسكري علمًا أن هذا العدد لا يشمل قوات الشرطة الروسية التي أنشئت بموجب مرسوم من الرئيس فلاديمير بوتين في العام 2015، وهي تنتشر في جنوبي سوريا والعاصمة دمشق وحماه وعفرين في ريف حلب ومناطق خفض التوتّر، ولا يتوافر مصدر رسمي يبين أعداد عناصرها بشكل دقيق. في المقابل تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أنّ العدد الحقيقي للعسكريين الروس في سوريا قد فاق 20 ألف مقاتل يتبعون للقوى البرية والجوية والبحرية. وتستند هذه التقارير في تقديراتها إلى الآتي:
- السيطرة على قاعدة «أسطامو» الجوية الصغيرة شمال حميميم ونشر مروحيات عسكرية من طرازات مختلفة (مي 8، مي 24، مي 35، مي 28، كاموف 52) بعد إجلاء المروحيات السورية منها.
- إنشاء منطقة إقامة دائمة لفرقة مدرعة روسية في منطقة جورين ونشر فوج مدفعية فيها.
- نشر مجموعات صغيرة قوامها ضباط قيادة وسيطرة من مستوى قائد كتيبة وما فوق في كل أنحاء سوريا وبخاصةٍ في المناطق الساخنة.
- إنشاء محطات رادار متطورة لكشف الأهداف الجوية على مسافات كبيرة جدًا، بالإضافة إلى انتشار مخابراتي كبير في شمالي سورية ونَصب محطات تنصّت.
- السيطرة على وسط مطار الشعيرات وتمركز مروحيات قتالية من عدة طرازات فيه، إلى جانب سرية قوات خاصة روسية، بهدف العمل كمجموعات إنزال.
- السيطرة على قسم من مطار «التيفور العسكري» T4، وتمركز عدد من المروحيات القتالية فيه فضلًا عن تمركز وحدات خاصة من القوات البرية هناك.
- نشر وحدات وقطع مدفعية متطورة في الغوطة الشرقية شرقي منطقة البحارية.
- استقدام المزيد من الطائرات الضاربة «سوخوي 24» و «سوخوي 34» إلى مطار حميميم، بالتزامن مع نَصب منظومة دفاع جوي جديدة في طرطوس من طراز س300 لتأمين القوات الروسية وقِطَع الأسطول من أي هجوم جوي على مسافة 250كلم.
- إرسال الحاملة «كوزينتسوف» و 6 مدمّرات بحرية أخرى، وزوارق سريعة مرافقة لها إلى شرقي البحر الأبيض المتوسط، فضلًا عن القطع البحرية الموجودة أصلًا، وأهمّها الطراد المدمّر «موسكفا» وغواصات نووية وأخرى تقليدية.
القواعد التركية
سعت تركيا منذ تدخلها في مجريات الأزمة السورية إلى إقامة حزام أمني مع سوريا وبخاصة في المناطق التي يتواجد فيها الأكراد، وذلك لمنع سيطرة «حزب الاتحاد الديموقراطي»، والذي تعتبره الجناح السوري لـ«حزب العمال الكردستاني» التركي المسلّح والمعارض للسلطة التركية، والمعروف باسم «بي كا كا»، وكذلك لمنع سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على منطقة جرابلس.
في 20 كانون الثاني 2018، بدأ الجيش التركي عملية عسكرية برية وجوية في سوريا تحت مسمى «غصن الزيتون»، يستهدف فيها مواقع في منطقة عفرين تابعة لوحدات «حماية الشعب الكردية» التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية. وقد لفت رئيس الوزراء التركي بن علي بعد بدء العملية، إلى أن تركيا، التي تدعم مقاتلي «الجيش السوري الحر» في شمالي سورية، تستهدف إقامة «منطقة آمنة» عمقها 30 كلم.
يملك الجيش التركي عدة قواعد عسكرية في سوريا، هي: قاعدة جرابلس في ريف حلب، قاعدة أخترين، قاعدة إعزاز، قاعدة جبل الشيخ بركات ذات الأهمية الاستراتيجية، قاعدة تفتناز الجوية ومطار أبو ضهور وهما يستخدمان لإدارة العمليات التركية في إدلب.
تسعى تركيا من خلال وجودها في سوريا، إلى الحد من نفوذ القوى الكردية في الشمال السوري، ويقدّر بعض الخبراء أنّ عدد الجنود الأتراك في سوريا قد بلغ نحو 2500 جندي، في حين يقدّر عددهم في منطقة إدلب بحوالى 400 جندي في إطار اتفاق تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا وإيران لحراسة منطقة «خفض التصعيد». ولكن مع بدء عملية «غصن الزيتون» مطلع هذا العام، أصبح العدد يفوق الـ20 ألف جندي مع مختلف أنواع الأسلحة البرية والطيران.
القواعد الإيرانية
من المعروف أنّ إيران تساند الحكومة السورية وبناء على طلبها، ضد الأعمال الإرهابية والعنف في سوريا منذ بداية الأزمة. وقد قدّمت إيران آلاف الخبراء والعناصر لمساعدة الحكومة، وبذلك أصبح لها مناطق تواجد وسيطرة داخل الأراضي السورية تديرها بنفسها، أو بالتنسيق مع القوات الحكومية. أهم القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، واستنادًا إلى معلومات مختلفة هي:
- مطار دمشق الدولي:
البيت الزجاجي، وهو مركز استقبال الأسلحة والقوات المقاتلة.
- قاعدة جبل عزان:
تقع جنوبي حلب، وتعتبر أكبر قاعدة عسكرية لإيران في الشمال السوري.
- قاعدة الكسوة – خان أرنية:
تقع في ريف دمشق القنيطرة، وهي قريبة من الجولان المحتل.
- عدّة ثكنات عسكرية:
تنتشر في مناطق البادية السورية، هدفها السيطرة على الطريق الدولي (دمشق – بغداد) وصولًا إلى معبر التنف الحدودي، وهي تحوي مئات المقاتلين.
- مطار السين العسكري:
يبعد عن الحدود الأردنية نحو 73 كلم، ويستقبل طائرات إليوشين لنقل الجنود والمعدات.
- قاعدة السيدة زينب:
تقع في ريف دمشق، هدفها حماية المزارات فضلًا عن كونها مركزًا للعمليات.
تقدّر بعض المصادر الأجنبية، عدد القوات الإيرانية، أو المدعومة من إيران في سوريا بما لا يقل عن 60 ألف مقاتل. ولكنّ مصادر مختلفة أخرى ترى أن هذه الأرقام مبالغ جدًا فيها، وغير صحيحة أو غير دقيقة.
القواعد العسكرية الأميركية
سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى تقوية نفوذها في سوريا منذ العام 2015 إثر إنشاء التحالف الدولي لمقاتلة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، واتّخذت من الشمال السوري منطقة نفوذ لها، لدعم المقاتلين الأكراد هناك. وهي تعمل على إقامة قواعد عسكرية خاصة بها في سوريا. أهم هذه القواعد اليوم:
- قاعدة الرميلان:
تقع في محافظة الحسكة، وهي قاعدة للقوات الجوية والإمداد العسكري، عدد العناصر فيها غير محدد.
- قاعدة خراب عشق:
في محافظة الحسكة، وهي قاعدة جوية من مهماتها تقديم الدعم اللوجستي.
- قاعدة تل:
على الحدود السورية التركية، مهمتها تقديم معلومات أمنية ولوجستية وعدد العناصر فيها غير محدد.
قاعدة الشدادي:
في الحسكة، وهي تدعم قوات سوريا الديموقراطية، وفيها 150 جنديًا.
- قاعدة تل البيدر:
أيضًا في الحسكة، فيها 800 جندي من القوات الخاصة.
- قاعدة عين دادات:
تقع في منبج قرب حلب، وهي تراقب تحركات الجيش الحر.
- قاعدة إثريا:
في منبج، حلب، وهي مركز لتقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفيها 300 جندي.
- موقع تل مشتنور:
يقع في محافظة الرقة، وتشغله قوات فرنسية وأميركية قوامها نحو 300 جندي.
- موقع عين عيسى:
يقع في محافظة الرقة، وفيه 200 جندي أميركي و75 فرنسيًا، وهو يقدّم الدعم اللوجستي.
- موقع صرين:
هو في محافظة حلب، ويشكّل مركز تواصل بين قوات التحالف.
- قاعدة المبروكة:
غربي القامشلي، وفيها 45 عنصرًا.
- قاعدة مطار روباريا:
في محيط كوباني، حلب، تضم خبراء تقديم معلومات للتحالف، وفيها 300 عنصر.
- قاعدة التنف:
نقطة التقاء الحدود السورية – العراقية والأردنية.
- قاعدة الزكف:
جنوب غربي البوكمال، مهمتها التمدد شمالًا وإيقاف التمدّد الإيراني.
- قاعدة الطبقة:
تقع في محافظة الرقة، وتشكّل موقعًا استراتيجيًا لربط حلب بالرقة.
- قاعدة تل أبيض:
تقع على الحدود السورية التركية، وتعتبر نقطة انتشار وتمركز للتحالف الدولي، فيها 200 جندي.
إضافة إلى المواقع السابقة، نشر مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية في لندن، ملفًا يتضمّن 6 مواقع للولايات المتحدة في أنحاء مختلفة في سوريا.
في ما يتعلّق بعدد القوات الأميركية في سوريا، فقد أكّدت تصريحات صدرت عن وزارة الدفاع الأميركية في شهر تشرين الأول 2017 وجود 2000 عنصر من القوات الأميركية على الأراضي السورية، مشيرة إلى أنّهم «يقومون بتدريب قوات محلية في سوريا من دون أن يشاركوا في القتال ضد الإرهابيين».
أخيرًا، تحوّلت سوريا، بحسب ما يرى مراقبون ومحلّلون، إلى ساحة صراع عسكري دولي يحاول فيه كل طرف ترجيح كفة الميزان الاستراتيجي لمصلحته، من أجل تحقيق مآرب اقتصاديـة وسياسيـة مباشرة في المستقبل.
المراجع:
- https://7al.net
- https://www.skynewsarabia.com
- http://www.aljazeera.net/news/arabic
- http://www.france24.com/ar
- https://arabic.cnn.com/middle-east
- https://arabic.sputniknews.com