صحة ووقاية

استمتعوا بأشعة الشمس ولكن...
إعداد: روجينا خليل

روجينا خليل

 

ننتظر موسم الصيف كل عام لتمضية وقت ممتع على الشاطئ، والاستمتاع بأشعة الشمس المشرقة، والحصول على لون أسمر جذاب يضفي إشراقًا على البشرة. ورغم الفوائد الكثيرة التي نحصل عليها إثر تعرضنا لأشعة الشمس، فإنّ عدم استخدام طرق الوقاية الفعّالة يؤدي إلى أضرار لا يُستهان بها بسبب الأشعة فوق البنفسجية.

الأشعة فوق البنفسجية نوعان: UVA وUVB، الأول يمكنه اختراق طبقات عميقة من البشرة والتسبب في تضرّرها بمرور الوقت، أما الثاني فيمكنه اختراق سطح الجلد والتسبب بما يُعرف بحروق الشمس، مع ذلك ينبغي أن لا نحرم أنفسنا التمتّع بنعمة الشمس وفوائدها.
لماذا من الضروري أن نتعرّض للشمس؟

ثمة أربعة أسباب أساسية تجعل تَعَرُّضنا لأشعة الشمس ضروريًا وفق النقيب الطبيب كلود الحايك (اختصاصي في أمراض الجلد والجراحة الجلدية، ورئيس قسم الصحة والسلامة العامة في الطبابة العسكرية).

أولًا، لأنّها تُسهم في تحفيز الجسم على إنتاج الفيتامين D، فتحت تأثير أشعة الشمس تنشط عملية تركيب هذا الفيتامين المفيد جدًا للصحة، إذ إنّه يساعد على تحسين عملية امتصاص الكالسيوم الضروري لصحة العظام.

ثانيًا، تعمل أشعة الشمس على تعزيز إنتاج السيروتونين أي هرمون السعادة، الذي يحسن المزاج والنشاط والمشاعر العاطفية، ويقلل من القلق. وهذا ما يحتاجه معظم الناس في جميع أوقات السنة، وخصوصًا الأشخاص الذين يعانون الاضطرابات العاطفية الموسمية.
ثالثًا، يساعد التعرّض لأشعة الشمس على النوم خلال الليل بشكلٍ أفضل، إذ تنظم هذه الأشعة إيقاع الساعة البيولوجية للجسم.

رابعًا، قد يُساعد التعرّض المباشر والمستمر لكميات صغيرة ومنتظمة من الأشعة فوق البنفسجية في تخفيف أعراض بعض الأمراض الجلدية مثل الأكزيما، والصدفية.

ويشير النقيب الحايك إلى أنّه للاستفادة من أشعة الشمس يجب التعرّض لها بطريقة مدروسة، فبين العاشرة صباحًا والثالثة بعد الظهر تقريبًا، تكون الأشعة فوق البنفسجية UVB في وقت الذروة، وإذا تعرّضنا لها بشكل مباشر لمدّة لا تزيد عن 20 دقيقة، نحصل على المفيد منها فقط، أمّا ما يزيد عن ذلك فيجعلنا عرضة للعواقب السلبية والتأثيرات الضارة.

 

ما هي هذه العواقب؟

التعرّض المفرط للأشعة فوق البنفسجية يؤدي إلى أضرار جلدية كثيرة منها ما سمّاها النقيب الطبيب بالسريعة والتي تظهر على شكل حروق وتصبّغات Sunburn يتحوّل من خلالها الجلد إلى اللون الأحمر، ويصبح مؤلمًا وساخنًا عند اللمس، ثمّ يتقشّر بعد فترة وتظهر بقع مكان الحروق. ويمكن للأشعة فوق البنفسجية أن تؤدي أيضًا لتعكّر عدسة العين، مما يتسبب في منع انتقال الضوء إلى شبكية العين وإعتام العدسة Photokeratitis.

أمّا أبرز الأضرار على المدى الطويل، وفق النقيب الحايك فهو الترهل الجلدي أو إتلاف الطبقة العميقة منه، مما يؤدي إلى فقدانه لقوته ومرونته، فيتحوّل إلى اللون الأصفر وتزداد سماكته مع ظهور تجاعيد عميقة. والأمر الأخطر هو زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع سرطان الجلد وهو تكاثر غير طبيعي لخلايا الجلد ينشأ ويتطور في معظم الحالات على سطح الجلد مثل سرطان الخلايا القاعدية المسؤولة عن إنتاج خلايا الجلد الجديدة وهي موجودة تحت الخلايا الحَرشَفِيّة Basal cell carcinoma، وسرطان الخلايا الحرشفية الموجودة تحت الطبقة الخارجية مباشرة وتشكّل بطانة داخلية للجلد Squamous cell carcinoma، والورم الميلانيني Melanoma وهو النوع الأكثر خطورة من بين سرطانات الجلد، إذ يحتوي على خلايا الصِّباغ التي تُنتج مادة الميلانين Melanin المسؤولة عن إعطاء الجلد لونه الطبيعي، وهذه الخلايا موجودة في الجزء العميق من البشرة.

 

حذارِ الإسراف والسولاريوم

من المهم أن ندرك، بحسب النقيب الحايك أنّ التغيّر المناخي والحرارة المرتفعة لا يؤديان دورًا أساسيًا في الإصابة بحروق الشمس، إنّما تعامُلنا مع هذه التغيّرات بشكلٍ غير ملائم هو الذي يسهم بالتعرّض لأضرار أشعة الشمس فوق البنفسجية. من هنا، يجب التزام الإرشادات التي تُتيح الحصول على أقصى درجات الفائدة وتجنّب الأضرار المحتملة، وأهمها:

1 – استخدام واقٍ للشمس لا يقل عامل الحماية فيه SPF- Sun Protection Factor عن 50 على الأقل، ووضعه قبل ربع ساعة من التعرّض للشمس، على أن يُعاد وضعه كل ساعتين على الأقل، وكذلك بعد السباحة أو التعرّق. ويجب استخدام واقي الشمس للأطفال أيضًا مع اختيار نوع مخصص لهم. ويُستحسن عدم إطالة فترة التعرُّض المباشر للشمس حتى في حال استخدام هذه المستحضرات.
2 – ارتداء ملابس تحجب الشمس (الملابس القطنية مثلًا) وتكون خفيفة على أن لا تكشف الجسم، بالإضافة إلى قبعة واسعة الحواف لتوفير أقصى حماية من أضرار الشمس، ونظارة شمسية تحجب ما لا يقل عن ٩٠% من الأشعة فوق البنفسجية.
3 – البحث عن مكان مظلّل خصوصًا في أوقات الذروة والجلوس أسفل مظلة للحصول على فوائد الشمس من دون إلحاق الضرر بالجسم.
كما أشار النقيب الطبيب الحايك إلى تجنب الـSolarium الذي يمكن أن يسبب تلفًا خطيرًا طويل الأمد للجلد ويسهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد، كما يجب تجنّب وضع الزيوت التي تزيد من احتمال التعرّض للحروق التي إذا تكرّرت بدورها تؤدي للإصابة أيضًا بسرطان الجلد. كذلك شدّد على أن يكون واقي الشمس من استعمالاتنا اليومية لحماية البشرة من الشمس حتى ولو لم نتعرّض لها بشكلٍ مباشر.