- En
- Fr
- عربي
التحصين بالأمن
ينبّه أكثر من مراقب إلى ضرورة زيادة تحصين الموقف الداخلي، وترسيخ الأمن وتثبيت الاستقرار، في ضوء ما يحكى هنا وما يروى هناك، عن عواصف عاتية قد تمرّ بمنطقة الشرق الأوسط بشكل كامل، أو مداورة ومحاصصة. وليس هناك من بلد، في عصرنا هذا، بمعزل عما يحصل في العالم كلّه، فكم بالحري في شطر منه. فتشابك المصالح، وتبادل الأدوار، وتضارب الأهداف، وازدياد التسابق والتنافس... لا تترك أي منطقة في منأى عن مجريات غيرها من المناطق، اعتبارًا من حركة البورصة، مرورًا بكلّ شأن اقتصادي أو إنتاجي أو سياسي أو فكري أو حضاري، وصولاً إلى الشّأن العسكري، وهو الوسيلة الأشد تأثيرًا في التعبير عن حالات الغضب الكبيرة، فمعه تقصف الرعود، وتلمع البروق وتهطل الحمم المحرقة.
في مواجهة ذلك يعمل العقلاء على تخفيف التشنُّج السياسي، في بلادنا، وعلى تفعيل عمل المؤسسات والسير بعجلة الدولة نحو الأمام، خصوصًا في ظل الأجواء الاقتصادية التي تضعف إلى حد كبير قدرة المواطن على تحمّل الأزمات، لا بل تسير بالبعض، ولو كان قليلاً، إلى السير فيها والتحوّل إلى حطب في مواقدها، لدواع مختلفة، شخصية كانت، أو عامة. لكنّ المواجهة الأكبر لتلك الاحتمالات تتمثّل في ما تقوم به المؤسسة العسكرية، لا بل في ما تستمر في القيام به، سهرًا على الأمن، وإخلاصًا للواجب، واستمرارًا في البذل والتضحية. في طليعة ذلك، الحيطة والحذر وزيادة الجهود في الجنوب، حيث يتم، وبالتعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، رصد التحركات الإسرائيلية، ومنع الاعتداءات ومواجهة الخروقات الاستفزازية التي يلجأ إليها العدو من وقت إلى آخر، والوقوف إلى جانب المواطنين، والقيام بكل ما من شأنه زيادة ارتباطهم بأرضهم زرعًا وإنتاجًا، مع ما يرافق ذلك من شؤون يومية عادية، تحصيلاً علميًا، ورعاية صحّية، وحركة اجتماعية وثقافية. وتأتي في موازاة ذلك بالتأكيد مهمة العين الساهرة في باقي المناطق من الشمال إلى البقاع، إلى جبل لبنان إلى عاصمته.
إن المهمة الأساس في الجنوب لا تؤثّر على الواجب العسكري في أرجاء الوطن الأخرى، والجيش يقطع دابر الإخلال بالأمن أينما حاول المحاولون إنتاجه، وهو يترصّد هؤلاء، ويستبق مخططاتهم في مرّات عديدة، وإن هم مكّنتهم الظروف من إشعال فتيل ما، فإنه سرعان ما يطفئه ويلاحق الفاعلين ويسوقهم إلى العدالة. والمواطنون يعرفون ذلك، ويدركون أنّ الحوادث المتفرّقة العابرة قد تحصل تحت جناح الظلام، وما يردّده البعض من أنّ دقائق تمر أحيانًا من قبل أن تصل قوى الجيش إلى مكان حصول حادث ما، هو من قبيل ذرّ الرّماد في العيون، أو هو نوع من الحجج الواهية والاتهامات العشوائية التي لا يصدّقها مروّجوها، فكيف يصدّقها الآخرون؟