المدوّنات الإلكترونية اللبنانية والديمقراطية الإفتراضيّة

المدوّنات الإلكترونية اللبنانية والديمقراطية الإفتراضيّة
إعداد: حياة عون
باحثة - الجامعة اللبنانية- كلية الإعلام - ماستر بحثي

المقدمة

يعيش العالم اليوم في عصر الإنترنت الذي غيّر مفاهيم كثيرة في حياة الناس وفتح آفاقًا جديدة أمامهم. هو عصر متفلّت من المحدود والمقونن ومفتوح على كلّ الاحتمالات التي يستطيع الإنسان أن يصبو إليها. هو عصر الإتصال والتواصل، عصر الحاجة إلى ايصال الصوت والصورة إلى العدد الأكبر من الناس، عصر التأثير والتأثّر بالآخر.

وتكمن إحدى ميزات هذا العصر في تمويه الحدود بين البشر، بين النخب والعامّة، بين المثقّفين والأقلّ علمًا، بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، ليصبحوا وكأنّهم سواسية في العالم الافتراضي، يتمتّعون بالحقوق ذاتها والإمكانيّات نفسها. على الرغم من التحفّظات التي ترافق التعرّض المُفرط، والتفلّت من القيود الأخلاقيّة أحيانًا والتي ترافق الحريّة غير المسؤولة على الشبكة العنكبوتيّة.

ولعلّ الإعلام كحقل معرفي واجتماعي هو من المرافق التي تأثّرت كثيرًا بالتحوّلات التكنولوجيّة التي خلّفها ظهور الإنترنت. ليكون أحد أهمّ العلوم الإنسانية التي تتأثّر بها خصوصًا مع ظهور الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي والمدوّنات والمنتديات والهواتف الذكيّة.

هذه التغيّرات كلّها أثّرت على المواطن العاديّ الذي يتلقّى المضامين الإخباريّة، وجعلته قادرًا على مواجهة الأنظمة السياسية والنخب الحاكمة التي كانت تتحكّم باللعبة الإعلاميّة وتنظمّها. وأصبح بمقدوره أن يصبح شريكًا أساسيًّا وفعّالًا في تلقّي المضامين وحتّى في إنتاجها، كما يحصل مثلًا عبر المدوّنات الإلكترونيّة موضوع بحثنا.

 

أوّلاً: المفهوم الاتصالي والايديولوجي للإنترنت

لقد فرض ظهور الإنترنت في مطلع التسعينيات من القرن العشرين تغيّرات كثيرة على حياة الإنسان، على المستوى الشخصيّ، العمليّ، الاقتصادي أو السياسي. دخلت الإنترنت في مجالات شتّى وأصبح استخدامها، إحدى سمات المدنيّة الحديثة وخصائصها، ومقياسًا لتطوّر الشعوب والبلدان، واندماجها في تفاصيل الحضارة الإنسانية.

ويعتبر Bernard Poulet في كتابه "نهاية الصحف ومستقبل المعلومة" أنّ "الإنترنت ليست فقط تكنولوجيا أو ميديا، بل إنّها إيديولوجيا أيضًا، أكثر من كل الإختراعات التقنيّة التي سبقتها. الإنترنت تترافق مع رؤية للعالم ومشروع اجتماعي ثوروين، ما أسهم في نجاحها، وبغير هذا البناء الايديولوجي الرمزي لما عرفت هذا النجاح الباهر والعامّ"[1].

وممّا لا شكّ فيه أنّ الإنترنت أسهمت عبر مواقع التواصل الإجتماعي والمدوّنات الشخصيّة، في إحداث بعض التغيّرات على صعيد المجتمع المدني في العالم وبخاصّةٍ في بعض الدول العربية، أي ما عُرف بـ "الربيع العربي"، لأنّها سمحت بالحصول على مساحة للمشاركة الشخصية الاجتماعية، الاعلامية والسياسية، كما في التجييش الشعبوي ضدّ الأنظمة الحاكمة.

لهذا نلاحظ اليوم تراجعًا في نسبة المتابعين للوسائل الإعلاميّة التقليديّة، التي تدعم الحكومات على حساب المواطنين، في مقابل الذين يستقون الخبر مباشرة من الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني.

وأحد الأسباب الظاهرة، أنّ المتلقّي لم يعد يريد أن تُفرض عليه المضامين المعلّبة مسبقًا، بل يفضّل أن ينتقيها بنفسه وأن يتحكّم في عرضها أو إيقافها ساعة يشاء. والأهمّ أنّه أصبح يتفاعل معها ويشارك بصنعها، ناهيك عن السرعة في إيصال الرسالة، فلا انتظار لمطبعة ولا وقوف على أبواب غرف التحرير.

كما أنّ الاتصال الإلكتروني يمثّل "منظومة جديدة " تختلف عن "المنظومة المشهدية " السابقة، التي تتمحور حول مرسل ومتلقٍ. فهذه المنظومة "تحقّق مجالاً شبكيًّا يتحوّل فيه الفرد باستمرار ما بين موقعي الإرسال والتلقّي، وتنصهر في داخله العوامل الفرديّة، وتمثّل شبكة الويب فضاء جماعيًّا يشترك المستخدمون في إنتاجه"[2].

ومن الملاحظ أنّ الدول التي لا يكون للإعلام فيها دور المراقب والمحاسب، أصبح الإعلام الجديد بوسائله المتعدّدة مراقبًا وناقدًا. فكأننا انتقلنا من زمن الإعلامي الواحد الذي يتوجّه إلى الكلّ إلى زمن "الكلّ يتوجّه إلى الكلّ"، وهي عبارة استعملها "Dan Gilmor" مرّات عدّة في كتابه "نحن الميديا One to many to many to many" أو من المواطن إلى المواطن مباشرة دون المرور بالوسائل الإعلاميّة التقليديّة[3].

 

ثانيًا: التدوين الالكتروني: تعريفه وبداياته

والتدوين يُعتبر وسيلة نشر للعامّة، تمكّنهم من التعبير عن أنفسهم والتواصل مع بعضهم، كما للترويج للمشروعات والحملات المختلفة.

ولن نغوص في هذ البحث في المصطلحات والتعريفات العامّة للمدوّنات الإلكترونيّة، لأنها مُتاحة على صفحات "الويب"، إنّ ما يهمّنا بالأكثر هو تعامل اللبنانيين مع هذه الظاهرة والإفادة منها لإيصال أصواتهم، والدخول في لعبة الديمقراطيّة ولو على الطريقة اللبنانيّة بكلّ ما تحمله من خصوصيّة تاريخيّة وطائفيّة.

ونكتفي بلمحة موجزة من تاريخ ظهور المدوّنات الإلكترونيّة على الإنترنت في سنة 1993، والتي لم تحمل اسمها الحالي حتّى كانون الأوّل من العام 1997 حين قام ناشر site Robot Wisdom Jorn Barger بإطلاق اسم Weblog عليها.

وتمّ بعدها اختصار هذا المصطلح إلى "blog" من قبل Merholz Peter  في العام 1999 واعتمد من قبل الجميع منذ ذلك الحين.

وقد عرّف "بارجر" المدوّنة على أنّها "موقع الكتروني يتكوّن أساسًا من تدوينات دوريّة وفق ترتيب زمني معيّن - الأحدث عند أعلى الصفحة - وفي معظم الأحيان تحتوي على الروابط التشعبيّة [4]hypertextes externs تسمح للقرّاء أن يبدوا "ردّ فعل" على الموضوع أو أن يتفاعلوا معه[5].

 

وقد اعتبر كلّ من :

Benoit Desavoye, Christophe Ducamp, X. de Mazenaud, et في كتابهم Les Blogs، أنّ المدوّنات هي "أداة تسمح لمستخدم الإنترنت أن يعبّر عن نفسه عبر إقامة صفحة خاصّة به بعيدًا من أي كفاءة تقنيّة"، لكنّهم يقرّون أنّ تعريف "المدوّنة" ليس بسيطًا، وما وفرة التعريفات الموجودة إلّا دليلًا على ذلك.

وتنبع الصعوبة من أنّ المدوّنات هي في الوقت نفسه "أداة" و"ظاهرة" متعدّدة الأوجه، وتختلف باختلاف نظرتنا إليها، من حيث الشكل أو المضمون. كما اعتبروا أنّ ظاهرة التدوين ترافق النمو الهائل لاستخدام الإنترنت وتوسيع نطاقه واندماجه في حياتنا اليوميّة. والأهمّ من ذلك، المدوّنات، وهنا يكمن بالتأكيد قلب الظاهرة، تسدّ حاجة المستخدمين إلى التعبير عن أنفسهم، وتبادل آرائهم، والتحدّث مع الآخرين[6].

هذا وتُعتبر أحداث الحادي عشر من أيلول السبب الرئيس وراء انتشار موجة التدوين على شبكة الإنترنت في العالم. ويعتبر Glenn Reynold وهو أستاذ في جامعة "تينيسي" الذي بدأ مدوّنته الشعبية Instapundit  العام 2001، بأنّ هذه الأحداث كان لها تأثير كبير على شعبية التدوين، لأنّ الناس كانوا غير راضين عن كيفية تغطية الحدث من قبل وسائل الإعلام، لذا ذهبوا إلى المدوّنات حيث يمكنهم الانضمام إلى المناقشة[7].

وكما يعتبر Bernard Poulet "أنّ المدوّنات اليوم مع غيرها من وسائل الإتّصال الإجتماعيّة تجعل المواطن العاديّ قادرًا على مراقبة المجتمع السياسيّ وأهله، وبهذا ليس من المغالاة القول إنّنا نقترب من مرحلة قصوى من الشفافيّة مع هذا العالم الرقمي العالمي الشامل"[8].

وفي الواقع، شهدت سنة 2001، عددًا متزايدًا من المتخصّصين والأكاديميين والصحفيين وحتى السياسيين الذين بدأوا بالتدوين، ما أعطى هذا الأخير المزيد من الصّدقية في المشهد الإعلامي. ويقدّر المختصّون السبب، بالحاجة التي انتابت الناس في ذلك الوقت إلى التعبير عن مشاعرهم، وللوصول إلىالمعلومات التي حجبتها عنهم وسائل الإعلام التقليدية.

أمّا في الشرق، فقد كانت أوّل مدوّنة تكسب اهتمام الصحافة الدولية الهامّة، هي ?Where is Raed باللغة الإنجليزية لشاب عراقي يطلق على نفسه اسم Salam Pax في شهر آذار من العام 2003، وكان يهدف منها في بادىء الأمر إرسال رسائل إلى صديقه في الأردن، تصف ما كان عليه الوضع في ظلّ نظام الرئيس "صدام حسين" في ذلك الوقت[9].

 

أ- المدوّنات الالكترونية والتعددية الإعلامية

وفي الإطار نفسه، نلاحظ تأثير وسائل الإعلام بشكل عام على حياتنا ورؤيتنا للعالم بشكل مباشر، وعلى طريقة تصرفاتنا وعاداتنا بشكل غير مباشر. وذلك من خلال تجربتنا الشخصيّة مع الإعلام، التي تبني أو على الأقلّ تؤثر في معرفتنا بالعالم المحيط بنا.

كما اعتبر الباحث Richard Jackson Harris في مقدّمة كتابه "علم النفس المعرفي للاتصال الجماهيري" أنّ "حياتنا ومجموع معارفنا تتأثر بشكل عميق بالإعلام من دون أن تعي أكثريتنا ذلك، كما أنّ رؤية الإعلام للعالم قد أصبحت في حالات كثيرة حقيقية أكثر من العالم الحقيقي بحدّ ذاته"[10].

 وفي هذا الصدد نستطيع اعتبار "أنّ المجال المُطلق للإعلام الجديد لم يبق بعيدًا من المتغيّرات المعاصرة التي أثرّت في الإعلام على مستوى العالم.وذلك مع تنامي استعمالات الإنترنت بوصفه منظومة تواصليّة جديدة، وبروز قوى جديدة غير حكوميّة في هذا المجال، للإستثمار المالي أو البحث عن وسائل للتأثير السياسي والإيديولوجي، إذ أسهمت تلك المتغيّرات في عمليّة تغيير الأنماط التي كانت سائدة للمضامين الإعلاميّة"[11].

إذاً لقد تغيّرت معالم المهنة الإعلاميّة لتدمج الكتابة والتصوير والإخراج والطبع وغيرها من المواد، التي كانت تستلزم معدّات وموظفين كثرًا، ووقتًا يتفلّت من يد المؤسسات الإعلاميّة ويسابق الإختراعات التي أصبحت تتوالى بسرعة كبيرة[12].

وأصبح بإمكان كلّ إنسان أن ينشر حول مواقفه ووجهات نظره في الأحداث والأفكار الكبيرة والصغيرة، اليوميّة المحلية والعالمية، وأن يعلّق ويناقش في مجال اهتمامه أو نشاطه، وأن يقدّم شيئا من خبراته المهنية، وأن يدعم مصالحه ومشاركته وموقفه العام أو المستمد من مصالحه وانتمائه، أو يكتب عن مشاهداته وآرائه في الحياة اليومية والسلوك الاجتماعي وذكرياته وتجاربه.

 

ب- وضع الانترنت في لبنان

بالعودة إلى لبنان فقد عانى طويلًا من موضوع الإنترنت، إن على مستوى السرعة وسعات الخدمة، أو على مستوى التكلفة الباهظة بالمقارنة مع بقية دول العالم.

وقد بدأ انتشار "الحزمة العريضة" Broadband [13] في الشبكة الثابتة بدلًا من الحزمة الضيّقة مع إطلاق خدمة "خط الإنترنت الرقمي السريع" (ADSL) في أيار 2007. وحسب دراسة لـ"مهى تقي" فقد كان لبنان البلد الأخير في العالم العربي الذي أدخل هذه الخدمة إلى نظامه، على الرغم من أن المعدّات لإطلاقها كانت متاحة اعتبارًا من العام 2003. ويعود السبب برأيها إلى أنّ قرار توزيع الشبكة لم يستند فقط إلى الطلب في المناطق المختلفة، ولكن وجب أخذ التوازن الطائفي في الاعتبار[14].

وفي التقرير الذي أعدّه تجمع خبراء قطاع الإنترنت والاتصالات في لبنان والمهجر بالتعاون مع مؤسّسة "مهارات" في تموز 2016: "الانترنت في لبنان"، والذي نشر على موقعها الإلكتروني، يتبيّن لنا أنّ كلفة الإنترنت في لبنان ما زالت من الأعلى في العالم بالنسبة إلى معدل سرعتها، والذي يبلغ 1.9 ميغابيت في الثانية تقريبًا. ممّا يضع لبنان في المرتبة 14 من 16 دولة عربية متقدّمًا على سوريا واليمن فقط، والمرتبة 200 عالميًا. وقد تصل هذه السرعة إلى أقل من 1 ميغابيت في الثانية في الأماكن البعيدة من مراكز الاتصالات أو في أوقات الذروة.  

لكن هذا الوضع لم يمنع اللبنانيين من النضال في سبيل حقّهم بإنترنت سريع، وبالمشاركة في ظاهرة التدوين الإلكتروني التي لاقت رواجًا ضمن فئة الشباب الجامعي والاعلاميين.

 

ثالثًا: المدوّنات ضمن الإعلام الجديد

وتُعدّ المدوّنات الإلكترونية تطبيقًا من تطبيقات الانترنت، حوّلت الاعلام التقليدي ذا الأسوار العالية، والذي كان مخصّصًا للنخبة والصحافيين، إلى إعلام متحرّر يفتح أبوابه للجميع ليشاركوا في صناعة الخبر والتفاعل معه. في ديمقراطيّة إعلاميّة رفدت المؤسسات الإعلامية الكبرى بالأخبار والصور والتعليقات والمقالات وغيرها.

وقد بدأت عدّة مؤسسات في لبنان بإنشاء مدوّنات إلكترونيّة لها، وذلك بهدف إعطاء الفرصة للمشاركة وتقديم المقترحات. ونأخذ مثالًا على ذلك "المؤسسة اللبنانيّة للإرسال"، ومدوّنتها lbcblogs@lbci.com، وصحيفة L’orient Le Jour التي تخصّص زاوية على موقعها لوصلات نحو عدد كبير من المدوّنات اللبنانية.

والجدير ذكره أنّ بعض المناقشات في المدوّنات تستخدم أحيانًا من قبل الصحفيين والكتاب ورؤساء التحرير، كمقياس للرأي العامّ حول مختلف القضايا. والدليل على ذلك استعانة كبريات الصحف والمحطّات الإخباريّة في العالم بهذه الأخيرة، كمصدر للمعلومات والتعليقات السياسيّة.

وهكذا فإنّنا نلاحظ أنّ التدوين الالكتروني قد دخل في المنظومة الإعلاميّة من بابها الواسع، فارضًا واقعًا جديدًا، وملبيًا حاجات المجتمع إلى استقاء المعلومات من مصادر مختلفة، كما أنّ هذه التعددية الإعلامية الافتراضية أسهمت في تطوير أساليب الاعتماد على الوسائل التقليدية.

 

أ- التدوين الإلكتروني وعلاقته مع وسائل الإعلام التقليدي

تتفاوت أهميّة المدوّنات من حيث التراتبيّة مع وسائل التواصل الجديدة، بحسب الهدف المبتغى منها، فبينما تقوم المواقع الباقية بدور إجتماعيّ ترفيهيّ بشكل أساسي، تكون المدوّنات أكثر ديناميكية لأنّها في تجديد مستمرّ للمواضيع المطروحة فيها وطريقة معالجتها.

ومن أبرز هذه الوسائل التدوين المصغّر أو ما يُعرف بـ" تويتر"، وهو عبارة عن خدمة تتيح نشر عدد محدود من المداخلات، إذ يقتصر التدوين على إرسال رسائل بحد أقصى 140 حرف فقط للرسالة الواحدة [15].

بينما يتميّز موقع "فيسبوك" بالترفيه والتواصل الاجتماعي بين الأشخاص، الذين يتبادلون الملفات والصور ومقاطع الفيديو، ويعلّقون على ما ينشر في صفحاتهم من آراء وأفكار. أمّا موقع "يوتيوب" فهو متخصص بتحميل ومشاركة مقاطع الفيديو بشكلٍ مجاني.

ويرى مدير أحد المواقع الأوروبية في فرنسا Yann Gourvennec، أنّ "المدوّنات هي الوسيلة الإعلاميّة الرقمية التي توفّر مساحة أكبر وأعمق من تلك التي توفرها وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى كالفيسبوك أو تويتر.وهي تغيير حقيقي في طريقة التواصل بل هي أكثر من أداة للتغيير، فهي في القلب لأنها تحتوي على المحتوى"[16].

وتأتي المعلومات او التدوينات مؤرخة ومرتبة ترتيبًا زمنيًا تصاعديًّا، كما يتضمّن النظام آليّة لأرشفة الكتابات السابقة. ومن الفروقات الأساسيّة التي تميّز التدوين هي التفاعليّة، عبر المشاركة في تحرير المعلومات واستقبالها، فالمدوّنات تعمل في اتجاهين على عكس الإعلام التقليدي الذي يجمع المعلومات ثمّ يبثّها في اتجاه واحد إلى جمهوره.

من هنا تنبع أيضًا خصوصية الإنفتاح والعالمية حيث تلغى الحواجز الجغرافية، والحدود الدولية. وبينما تلتزم الصحف والإذاعات والتلفزيون بأوقات معيّنة لبثّ البرامج ونشرات الأخبار، يتحكّم المدونون في اختيار وقت النشر. وبالتالي يستطيع مستخدمو الإنترنت بدورهم الإطّلاع عليها ومناقشتها في الوقت ذاته، وبهذا يكون عهد احتكار المعلومات إنتهى، وأصبح بالإمكان الحصول على المعلومة من مصادر مختلفة.

في المقابل هناك صفة مهمّة أخرى تمتاز بها المدوّنات وهي تشكيل التجمّعات الإلكترونية بين محرّريها ومتابعيها، وبين مختلف الجماعات ذوي الاهتمامات المشتركة، فيستطيعون الإلتقاء والتجمّع بسهولة كبيرة حول قضاياهم واهتماماتهم.

كذلك، فإنّ المدوّنات تنمو بفضل الترابط بينها وبين مواقع أخرى عن طريق الروابط، التي تسهم في الحصول على تحليلات أوسع وأعمق عن الموضوع، بخاصّة إذا جاءت من متخصّصين وأكاديميين، ولم تقتصر على السياسيين فقط.

ثم تأتي الصفة الإقتصادية أي التوفير في الوقت والمال، في ظلّ مجانية الاشتراك والتسجيل، فالفرد أيّاً كانت خلفيّته الثقافيّة والاجتماعيّة يستطيع امتلاك حيّز على الشبكة الإلكترونيّة، بهدف التواصل الاجتماعي أو التسليّة أو مجرّد المشاركة والتعليق.

أمّا الصفة التالية التي تميّز عالم التدوين عن غيره، فتتركّز حول الرقابة التي تختلف، على المحتوى الإلكتروني، عن مثيلاتها في الوسائل الإعلاميّة الأخرى، ففي المحتوى الإلكتروني تغيب الرقابة بنسب متفاوتة حسب الأنظمة الحاكمة والأوضاع الأمنيّة والسياسيّة في البلاد.

 

ب- المدوّنات والشراكة مع المجتمع المدني اللبناني

أمّا إذا أردنا تحليل العلاقة أو الشراكة بين التدوين والمجتمع المدني، فعلينا أن نفهم الواقع اللبناني بكلّ حيثيّاته الاجتماعيّة، السياسيّة والقانونيّة، وخصائصه التعدّديّة والطائفيّة. فالقاعدة التعايشيّة في لبنان أفرزت "جمعيّات مدنيّة أسيرة الواقع من جهة والتمويل الأجنبي من جهة ثانية. وهي تعمل وفق مصالح الفئات الخاصّة، لا المصلحة العامّة، إلاّ القليل ممّن لا يدينون لطوائفهم ومرجعياتهم بالولاء، بل يؤكّدون انتماءهم للبنان الدولة والمؤسسات"[17].

من هنا يمكننا أن نلاحظ أنّ أيّ حراك مدني يُقابل بردّ فعل سياسي واتهاميّ، ليدخل المجتمع المدني بدوره في دوّامة المناظرات وشدّ الحبال بين الأطراف المتناحرة.

ولأنّ غالبية المدوّنين السياسيّين في لبنان صحفيّون سابقون ناقمون على الوسائل الاعلاميّة اللبنانيّة، وضلوعها في لعبة المحاصصة الطائفيّة، كان من الطبيعي أن يرتبط النشاط التدويني بالحراك المدنيّ والتظاهر كترجمة واقعيّة للنضال الالكتروني. وذلك للمطالبة بالحقوق الأساسيّة، كالزواج المدني والغاء الطائفية السياسيّة، تنظيم العمالة الأجنبيّة، قضايا البيئة، إلخ...

ويمكننا القول أنّه وعلى الرغم من محدوديّة أثرها، إلّا أنّ المدوّنات اللبنانيّة خاضت معارك حامية جنبًا إلى جنب مع المجتمع المدني، في القضايا المطلبيّة، وملفّات الحريّات والحقوق، واستطاعت أن تترك أثرًا في غير مجال، لأنّ فعالية التعبئة على مواقع التواصل الاجتماعي كانت تُترجم تظاهرًا في الشارع.

ومن الملاحَظ أنّ التدوين يسهم بشكل كبير في المطالبة بحماية الحرّيات العامّة للأفراد، بخاصّةٍ في المجتمعات ذات الأنظمة المستبدّة، ممّا جعل الجمعيات الحقوقية تعتمد بشكل كبير على المدوّنين في الحصول على المعلومة المتعلّقة بإنتهاكات حقوق الإنسان.

الأمر الذي يسهّل عليها ممارسة مهامها، على عكس ما كان يجري في الماضي، حين كانت الصحيفة وبعدها التلفزيون مصدر المعلومات، وفي أغلب الأحيان تكون موجّهة من النظام الحاكم، ما يبعد المعلومة عن الصِّدقيَّة والموضوعيّة. ويُبيّن هذا إذاً، أنّ المدوّنات قد أصبحت مرجعًا لمؤسسات مجتمعية وحقوقيّة وإنسانيّة عدّة، بخاصّة في زمن الأزمات والحروب كما يجري اليوم في سوريا مثلًا.

وكما يعتبر صاحب المدوّنة السياسيّة الاجتماعية "نينار"، طوني صغبيني، أنّ "الفضاء الالكتروني اللبناني بتنوّعه وعلمانيته، ونبرة الحرية التي تنضح منه، وبغناه المعرفي وقدرته التثقيفية والتعبوية، يتحوّل سريعًا إلى مصدر مستقلّ للمعلومات والتثقيف والتنشيط المدني والاجتماعي، خارج عن قبضة الطوائف وقوى الأمر الواقع"[18].

ويمكن اعتبار الزيادة المطّردة في عدد قرّاء المدوّنات ومتابعيها، مؤشّرًا إلى كونها إعلامًا بديلًا ينبثق "من تحت إلى فوق". كما يشير أيضًا إلى أزمة حقيقية في الإعلام التقليدي، تتّضح عند مقارنة المضمون بين الإثنين. فعندما يكون الفضاء التدويني منهمكًا في مناقشة القضايا المعيشية، السياسية، الدينية والاجتماعية التي تتّصل مباشرةَ بحياة الناس ومستقبلهم، تكون هذه المؤسسات منهمكة في نقل تصريحات السياسيين، والتراشق الإعلامي من دون التركيز على إيجاد الحلول للمشاكل المعيشيّة.

وعن الفرق بين التدوين وبين الإعلام المكتوب، يعتبر المدوّن صغبيني أنّ الفضاء التدويني "بقي بشكل عام حقيقيًا، حميمًا وشرسًا في الحديث والدفاع عن القضايا اليوميّة، وتلك المصيريّة التي يهملها الإعلام التقليدي. لذلك قد يكون التزاوج الغني بين الفضاء التدويني وذلك الصحافي في الفترة المقبلة، أحد أفضل الطرق لإخراج الصحافة التقليدية من أزمتها، وتطعيمها بحيوية الكترونية صاخبة، تفتقد لها الصفحات الرتيبة للجرائد"[19].

وفي رأي محمود غزيّل، صاحب المدوّنة السياسيّة الاجتماعيّة "مجّة"، فإنّ "المدوّنات هي إعلام بديل عن الوسائل التقليديّة، مثل محطّات التلفزة والإذاعة والمطبوعات، لأنّها تنشر ما لا يمكن أن يُنشر بشكل علني، ويأخذ بالتالي الناشر مساحة واسعة من دون أي قيود. والمدوّنة هي مكان لأي فرد في أن يحصل على الـ"5 دقائق من الشهرة" ولكن على مدى أطول من الزمن، وإن حصل الفرد على المساحة التي يريدها للتعبير في الوسائل التقليدية، غاب التوق لخلق مساحة جديدة للتعبير مثلًا على الإنترنت، وغابت الأهداف المباشرة في نشأة المدونات"[20].

وبهذا يشبه عالم التدوين أو blogosphere مجتمعًا قائمًا بذاته، يربط المدوّنون في العالم بعضهم ببعض، عبر عمليّة تواصلية تفاعلية ذات بناء صلب، لا يحدّه زمان ولا مساحة جغرافيّة. حتّى أنّهم يتابعون هذه العمليّة التواصليّة على المواقع الإجتماعيّة الأخرى، كي لا تنقطع السلسلة القائمة بينهم وبين قرّائهم. وساهمت المدوّنات بشكل فعّال في نشر الحدث في فضاء التدوين فور حدوثه مباشرةً، لهذا يشعرون أنّهم معنيّون بشكل أو بآخر بما يجري مع كلّ واحد منهم. ويتجلّى ذلك عبر إسهامهم بإعطاء المجال لبعضهم، للتعليق والنقد وتقديم المقترحات بسرعة ملحوظة، بحيث لا يفرّقها عن تاريخ الإرسال غير دقائق. ومن هنا، فإنّ حركتي الإرسال والاستقبال الرقميّتين تكونان في حالة ترابط مستمرّة، بدل أن تظلّ إحداهما معزولة عن الأخرى. وهو ما يساعد على إيجاد نوع "من المواطنة الرقميّة والتجوّل في مجال الديمقراطية الإفتراضيّة "Virtual Democracy"[21].

وقد اعتبر الباحثان العراقيّان "انتصار عبد الرزاق" و"صفد الساموك"، أنّ المدوّنات تمثّل اليوم "أنظمة إجتماعيّة منظّمة ذاتيًا، تساعد الأفراد على التفاعل من خلال المشاركة والتعلّم عبر تبادل الأفكار والمعلومات، فضلًا عن حلّ المشكلات الاجتماعيّة والسياسيّة"[22].

وترى الدكتورة "آمنة نبيح" من جامعة الجزائر في دراسة تحت عنوان "المدوّنات الإلكترونيّة العربيّة بين التعبير الحرّ والصحافة البديلة"، أنّ المدونات تعتبر ردّ فعل، قد يكون في الوقت نفسه عفويًا وواعيًا عن تقلّص حضور المواطن في قضايا الشأن العام. وتأكيد لحالة من التشكيك في صدقيّة الصحافة، وهي بذلك تعكس ظرفًا حرجًا من عدم الثقة بين وسائل الإعلام التقليديّة والجيل الجديد من مستخدمي الإنترنت والإعلام الإلكتروني. واستطاعت المدوّنات أن تنافس المعلومة الرسمية التقليدية التي تبثّها الصحف والإذاعات والمحطّات الفضائيّة[23].

 

رابعًا: نظرة عامّة على الفضاء التدويني اللبناني

وبحسب تقرير Arab Media Outlook 2009-2013، فإنّ معدّل استعمال شبكة الإنترنت للشخص اللبناني العادي ما يقرب من 2.5 ساعة في اليوم. ويضيف التقرير أنّ لبنان يتفرّد بين الدول العربية بأنّ غالبية المستخدمين يفضّلون تصفح مواقع الويب باللغة الإنجليزية، مع 82٪ يفضّلون الإنجليزية وفقط 18٪ ممن يتصفّحون باللغة العربية.وأغلبيتهم من فئة عمريّة تقلّ عن 40 سنة، كما أعرب 50٪ تقريبًا عن تفضيلهم للمحتوى اللبناني المحلي، والسبب في ذلك يعود جزئيًا إلى الإنتاج "القوي" لوسائل الإعلام المحلية[24].

أ- واقع المدوّنات اللبنانية اليوم

وتبرز المدوّنات الالكترونيّة في خضّم هذه التغييرات الإعلامية، كنوع جديد من الإعلام الشعبي، أو إعلام المواطن وتكاد تتفلّت عالميًّا من قيود الرقابة.

وبينما ازدهر التدوين العربي بالإجمال في الفترة الأخيرة، تأخّر لبنان حسب رأي المدوّنين اللبنانيين عن اللحاق بالركب العربي. وذلك لعدّة اعتبارات أسهمت بعدم خلق "مجتمع تدوين" حقيقي في لبنان.

إنّ أهمّ هذه العوامل، نسبة "الحريّة" التي تسمح للشباب بالانخراط في العمل المدني– السياسي، عبر الانتساب للأحزاب وتأسيسها، والقيام بمبادرات مدنيّة، والحقّ بالتظاهر والتعبير عن الرأي.

لكنّ المدوّنات تطوّرت مع الأحداث ومع الوقت، لتشكّل اليوم إحدى الأدوات المحفّزة والمساعدة في صنع الرأي العامّ السائد في المجتمع اللبناني لدى شريحة واسعة من الشباب، تضمّ فئات من الطوائف كافةً والأعمار والمستويات الإجتماعيّة عامّة.

واذا تابعنا حركة التدوين في لبنان، نلاحظ أنّها بقيت رهينة الأحداث السياسيّة الكبرى التي عصفت بالبلاد والمنطقة، فهناك مدوّنات مثلًا توقّف أصحابها عن تحديثها منذ حزيران 2005.

ولكن منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق "رفيق الحريري" في العام 2005، وهو التاريخ الذي يتوافق عليه المدونون في أبحاثهم ودراساتهم لنشوء حركة التدوين في لبنان[25]، وما تبعه من انقسام البلاد إلى معسكرين سياسيين، برز التدوين للمرّة الأولى كحالة اجتماعيّة جماعيّة لبنانيّة، بعد أن كان تجارب فرديّة غير متصلة ببعضها البعض.

لكنّ العديد من المدوّنين تحوّلوا إلى نسخة تشبه إلى حدّ بعيد الحوارات السياسية التي ملأت محطّات التلفزيون، ولم يستطع المدوّنون بمعظمهم في ذلك الوقت، من خلق قضيّتهم المتمايزة عن الجوّ السياسي التقليدي السائد في البلاد. وبعد عدّة أشهر بدأ الحراك السياسي في الساحات والشوارع بالخفوت، ما أدّى إلى تراجع حركة التدوين اللبناني.

ثمّ كانت حرب تموز 2006، لتعيد التدوين اللبناني إلى الواجهة، فقد تحوّل الفضاء التدويني إلى ساحة حرب أخرى، عمل من خلالها الناشطون والمناضلون والمدونّون على توثيق الجرائم الإسرائيليّة وفضحها، وتعريف الرأي العامّ الغربي على حقيقة ما يجري على أرض الواقع.

أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة في 2009، برز عدد من المدوّنات المتابعة للأحداث، والمحرّضة على أعمال الشغب ضدّ سفارات الدول المتواطئة مع العدوان الاسرائيلي، مثل المدوّنة السياسية "راديكال بيروت" التي استطاعت بأيام معدودة في أثناء الحرب أن تجذب الآلاف من الزوّار يوميًّا[26].

 

ب- أنواع المدوّنات اللبنانيّة

يتكوّن البلوغوسفير اللبناني اليوم من حوالي 350-450 مدوّنة، ويتميّز بتنوّعه الشديد مقارنة مع الفضاء التدويني في دول عربية أخرى، وذلك إلى درجة يصعب معها استخلاص سمات عامة مشتركة له أو وصفه بوصف محدّد يختصر مكوّناته. وهناك نحو 330 مدوّنة مدرجة في موقع Lebanonaggregator.com [27].

هذا الموقع لا يكتفي بمجرّد دور الحضانة للمدوّنات وتشجيعها، بل هو يقوم بدور أبعد من هذا عبر التنظيم والتدقيق بالمحتويات والقيام بمسابقات دوريّة لانتخاب المدوّنات الأفضل كلّ أسبوع، وفق نوعيّة التدوينات وكثافتها وأهميّة مواضيعها.

كما توجد المدوّنات المُدرجة في موقع [28]lebanesebloggers.net بالإضافة إلى عدد كبير من المدوّنات غير المُدرجة في أيّ من الموقعين المذكورين، والتي يصعب إحصاؤها نظرًا لعدم توافر المعلومات على هذه المواقع الإلكترونية.

وتفاوتت الأسباب التي أدّت إلى التدوين من أحداث وحروب داخليّة وإقليميّة، إلى أن ركّزت على المواضيع التي تتعلّق بالواقع اللبناني وتهمّ المواطنين بشكل مباشر، فبدأوا برفع الصوت عبر هذه الوسيلة مطالبين بالتغيير، بهدف الوصول للمعنى الحقيقي للمواطنة. ولا بد من الحديث أوّلًا عن تزامن الدور الجديد للمدونّات مع نقلة نوعية مهمّة في المضمون المنشور على صفحاتها.

 فمن التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان على "مدوّنة تريلا" وصولًا إلى إذاعة الراديو المستحدثة لمدوّنة "جمهورية الحمّص" الساخرة، ومرورًا بالكمّ الهائل من النتاج الأدبي والقصصي والتغطيات الفنية والثقافية والمقالات النارية للعديد من المدوّنين، يمكن ملاحظة انتقال جزء مهمّ من حركة التدوين من الانتاج غير المنظّم إلى الانتاج الإبداعي والاحترافي، الذي يبشّر بحصاد إعلامي وأدبي وفكري مهمّ خلال السنوات المقبلة، حسب رأي القيّمين أنفسهم على مجمّع التدوين اللبناني.

ونلاحظ أنّ أولويّات المدوّنين تنبع إجمالًا من اهتمامات متشابهة، وتقوم على عدم تقبّل واقعهم سياسيًّا واجتماعيًّا. فقد بدأت العلمانية والمساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، تأخذ حيّزًا واسعًا في النقاش على صفحات المدوّنات.

وتتراوح النصوص من مقالات وتحقيقات وحتّى الصور والرسومات الكاريكاتوريّة من نقد بنّاء للوضع المعاش، إلى نقد لاذع ومرير، إلى رفض كامل للواقع مع تصوّر خياليّ للبديل أحيانًا.

ولقد ميّز أستاذ العلوم السياسية الفرنسي "جان- لويسكيرمون" Jean-Louis Quermonne بين الشعور الطائفي والشعور الوطني الذي ينشأ حسب رأيه، "عندما تكون الخصوصيّات على مستوى عال من البروز والعمق، وهو ينتج عن إدراك لا ينبع فقط من عامل واحد من عوامل الخصوصيّة، إنّما من عوامل متعدّدة لأنّ الضمير الوطني شامل. وهذا هو سبب تمايزه عن الانتماء البسيط للطائفة، فبين التبعيّة الفولكلوريّة والشعور الوطني توجد سلسلة من الادراك الجماعي، وبهذه الفسحة يوجد الشعور الطائفي"[29].

وهنالك مدوّنات يغلب عليها الطابع العملي، فلا تخلو أسبوعيًا من عدّة دعوات وتغطيات للنشاطات الحقوقيّة والإجتماعيّة. ونأخذ "مدوّنة فرفحين" كمثال على ذلك، فهي تنقل القارئ مباشرة إلى جبهة النشاط.

وينشط المدوّنون على صفحات التواصل الإجتماعي الأخرى، بهدف التعبئة من أجل موضوع معيّن مثلًا، التحضير لتظاهرات إلغاء الطائفيّة السياسيّة، فنلاحظ حينئذ نشاطًا مكثّفًا ومقالات تعبوية.

مع العلم أنّ المدوّنين هم في معظم الأحيان محرّكو الدعوات على "الفيسبوك" والسبب الأكثر منطقيًا لتفسير ذلك هو أنه في ما يتعلّق بالنشاطات، المدوّنات هي بشكل أساسي أداة تعبئة وتحريك للرأي العام، فيما يبقى "الفيسبوك" الأداة المفضّلة للناشطين لتوجيه الدعوات الفعلية وتنظيم النشاط والتحرّك على الأرض.

وفي الأمور الإجتماعيّة نجد المدوّنين ناشطين بنوع خاصّ، في محاولة لإظهار سيّئات المجتمع اللبناني من جهة، ولنقده بهدف التصحيح من جهة أخرى.

وبالإضافة إلى الأخبار والمقالات الشخصيّة، يستقي المدوّنون أخبارهم من المواقع الإخباريّة التي تركّز في محتواها على لبنان، وأيضًا من المدوّنات الأخرى، ومواقع الأحزاب السياسيّة باللغتين العربية والإنكليزيّة، ومن الوسائل الإعلاميّة المختلفة.

ويحرص معظم المدوّنين على التواجد في أكثر من موقع اجتماعي واحد، وذلك للحصول على أكبر نسبة من الشعبيّة لمدوّناتهم، من أجل نموّها وتطوّرها بحيث تصبح مرجعًا مهمًّا للمتابعين والمهتمّين.

وهكذا نلاحظ أنّ المدوّنات اللبنانية متنوّعة بحسب تصنيفها ومواضيعها، فهناك الفنيّة منها حيث يعمل الفنّانون من رسامين ومصوّرين وكتّابٍ على إيصال فنّهم إلى الناس بطريقة سهلة ومجانيّة، وهكذا دواليك بالنسبة للمواضيع الأخرى من سياسيّة وعلمية وأكاديمية واجتماعيّة الخ.

كذلك فإنّ المدوّنات تنمو وتزدهر بفضل الترابط بينها وبين مواقع أخرى عن طريق الروابط، التي تساهم بخاصيّة الحصول على تحليلات أوسع وأعمق عن الموضوع، خصوصًا إذا جاءت من مختصين وأكاديميين ولم تقتصر على السياسيين فقط.

نموذج من مدوّنات لبنانية أثّرت في النشاط المدني:

أوّل مدوّنة أنشئت في لبنان كانت trella.org في العام ١٩٩٨ لعماد بزي، وتضم مواضيع متنوّعة تتميز بالجرأة.

- بلوغ بلدي blogbaladi.com مدوّنة إجتماعيّة لمؤسسها نجيب متري.

- stateofmind13.com لإيلي فارس، مواضيعها تثير النقاش ضمن المجتمع وإفساح المجال أمام قراءة آراء متنوّعة ومختلفة[30].

-مدوّنة نينار لطوني صغبيني، سياسيّة، إجتماعيّة وحقوقيّة.

-خضر سلامة يعتبر أنّ مدونته "جوعان" هي صوت لكل مظلوم في العالم[31].

 

ج - اللغة أو اللغات المُعتمدة في المدوّنات الإلكترونيّة اللبنانيّة

لا تشكّل اللغات الأجنبيّة عائقًا أمام المدوّن اللبناني، فهو بالإجمال ذو مستوى علميّ معيّن، إذ أنّ معظم أصحاب المدوّنات هم شباب جامعيّون، أو صحافيّون حاليّون في وسائل إعلاميّة، أو حتّى إعلاميّون سابقون ضاقت بآرائهم صفحات وشاشات المؤسسات التي كانوا يعملون فيها. فتوجهوا إلى التدوين للتعويض عن الحريّة المشروطة، منطلقين في الفضاء الالكتروني من دون رقيب ليشكّلوا مجموعة مميّزة من الأقلام الحرّة تُعبّر عن نفسها بلا "رتوش".

ويعتمد المدوّنون اللغتين الإنكليزية والفرنسيّة إضافة إلى العربيّة ولكن بنسبة أقلّ. والجدير ذكره أنّ بعض المدوّنين استعمل اللغة العربيّة بأحرف لاتينيّة، وهي طريقة أصبحت رائجة على صفحات التواصل الاجتماعي. ومن ناحية ثانية لم تخلُ بعض نصوص القرّاء وتعليقاتهم من أخطاء لغويّة إن باللغة العربيّة أو باللغتين الفرنسيّة والإنكليزيّة.

 

خامسًا: إشكاليّة الحريّة والرقابة القانونيّة في "البلوغوسفير" اللبناني وديمقراطية الكلمة والصورة

من مميّزات التدوين الإلكتروني أنّه يسمح بإمكانية إخفاء هويّة الكاتب، وهي ميزة مهمّة خاصّة في بلد مثل لبنان، يلتزم الإنسان فيه أن يراعي ضوابط معيّنة كلّما تعلّق الأمر بالسياسة أو الدين والطائفة، وحتّى المواضيع الحسّاسة الأخرى كالمواضيع الجنسيّة، حقوق المرأة والعنصريّة.

وما زال المدوّنون في لبنان يحظون بحجم حريّة لا بأس به من حيث التعبير، إلّا في حالات خاصّة تدخل في خانة القدح والذمّ، كما حصل في حالات معيّنة، مثلًا، توقيف الناشطين "خضر سلامة" محرّر مدوّنة "جوعان" و"علي فخري" بتاريخ 20 نيسان 2012على خلفية رسومات "غرافيتي" على الجدران في منطقة بشارة الخوري، ليطلق سراحهما ليل السبت 21 نيسان[32].

إضافة لثلاثة ناشطين على موقع facebook الالكتروني، بسبب قيامهم بـ"قدح وذم وتحقير" رئيس الجمهورية[33].

لا بدّ من القول أنّ المدوّنات مجتمعة، قادرة، ليس فقط على القيام بدور إعلام بديل أو التعبئة من أجل النشاطات المدنية، وإنّما أيضًا على التأثير في العمليّة التشريعية في البلاد، مما يعني تحوّل التدوين فعليًا إلى نشاط مدني.

لذا فمشكلة الرقابة ليست ببعيدة جدًّا عن عالم التدوين اللبناني، وهي تتمثّل فى الملاحقات القضائية التي تتبع النشر، لكنّها مختلفة كمًّا ونوعًا عن تلك التي ترافق عمل المؤسسات الإعلاميّة الأخرى وتقيّدها كرؤساء التحرير والرقابة الأمنية وغيرها.

لكن الحرية التي لا يحدّها الزمان والمكان. من ناحية أخرى، تتيح نشر أخبار وشائعات غير صحيحة، لهذا من المهمّ جدًّا أن يعي المدوّنون أنّ الرقيب الوحيد الفاعل والمطلوب للحماية من الفعل ونتائجه هو الرادع الذاتي، والإلتزام الواعي الذي يحدّد للفرد ماذا يختار أن يبثّ أو يتلقّى.

 

أ- مأسسة التدوين الإلكتروني في لبنان

من الجدير ذكره أنّ العام 2010شهد انتقال التدوين اللبناني نحو المأسسة، في حركة تدوينية نشطة كمّا ونوعًا، مع أولى محاولات المدوّنين إنشاء رابطة مؤسساتية تجمعهم وتدافع عن حقوقهم ودخل في مرحلة مفصليّة جديدة، فقد قام عدد من المدوّنين بسلسلة لقاءات تحضيرًا لتأسيس إطارهم:"رابطة المدونين اللبنانييّن- Lebloggers".

ويعترف "عماد بزّي"، ناشط ومدوّن منذ العام 1999، بأنّ الرابطة قد أسهمت "بنشر ثقافة التدوين التي تأخّرت لتنطلق في لبنان".

أمّا عن أهداف الرابطة، فيشرح بزّي بأنّها "ستعمل على صقل مهارات المدوّنين وتسليط الضوء على الإنتهاكات والمشاكل اليوميّة التي يعانيها أي مواطن لبناني".

ويتّفق المدوّنون على أنّ الرابطة قد شكّلت "مساحة لقاء وتعارف وتبادل خبرات بين المدونين، الذين كانوا منذ فترة قصيرة لا يعرفون بوجود بعضهم البعض"، على حدّ تعبير الكاتب والصحافي والمدوّن منذ العام 2007 "طوني صغبيني" وأحد مؤسسي الرابطة، والذي اعتبر أيضًا أنّها عُنيت بكل القضايا التي أُهملت في الإعلام التقليدي أو التي تُعالَج بسطحيّة.

ومن جهّته يضيف بزي بأنّ "التدوين يُوثّق حالة الشارع اللبناني الشعبية والمزاج العام بأسلوب بسيط وواقعي. ومن المواضيع التي طُرحت بقوّة موضوع الطائفية المستشرسة والفساد والفقر والبطالة وغيرها".

وبدورها اعتبرت الباحثة والمدوّنة "باميلا شرابيّة" التي بدأت التدوين عن المعاناة اليومية في حرب تموز 2006، أنّ مواضيع "كالذاكرة الجماعيّة والحرب وعلاقة الدين بالسياسة والمشاكل الإنسانيّة" لم تغب يومًا عن قضايا الرابطة.

ولا يرى "صغبيني"، بأنّ مسؤولية الرابطة محصورة بلبنان فقط، إذ أنّ "الحريّة التي يتمتّع بها المدوّنون اللبنانيون تضع على عاتقهم مسؤوليّة الدفاع عن الحريّة في لبنان والعالم العربي ككل" .

ويضيف إنّ "معركة المدوّنين من المغرب إلى لبنان مرورًا بمصر ودول الخليج هي معركة واحدة، وعلى المدوّنين اللبنانيين أن يدركوا ذلك ويبدأوا العمل"[34].

 

ب- السياسيّون في لبنان إلى النضال الرقمي

يعتبر "هاني نعيم" الناشط في مجال حقوق الإنسان، ومؤسس مدوّنة "رصيف 22" السياسيّة، أنّه "لم يعد أحد بمنأى عن أدوات الإعلام الاجتماعي، التي تستخدم في جميع الاتجاهات، إذ يستخدمها الناشطون في لبنان والبلاد العربية في حملاتهم الاحتجاجيّة ولمناصرة قضاياهم. ويستخدمها المسؤولون الحكوميون للتواصل مع شعوبهم والحصول على آرائهم. ويستخدمها ناشطو الإعلام الإلكتروني للدفاع عن المدوِّنين والصحافيين والناشطين الذين تمّ اعتقالهم بسبب حريّة الرأي"[35].

وممّا لا شكّ فيه أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تساعد اليوم في التقريب بين السياسي والمواطن، وقد أفاد السياسيّون منها للتواصل مع جمهورهم لمعرفة مزاجهم، همومهم ومطالبهم.

أصبحت الحسابات الشخصية على "فيسبوك" و"تويتر" أمرًا لازمًا، وتنامي أعداد المتابعين والمشاركين على هذه الصفحات، يشكّل مؤشّرًا على ازدياد شعبيّة هذه الوسائل التواصليّة، التي تُعتبر إعلامًا مباشرًا مع المواطنين ودون وسيط، بخاصّة في المواسم الانتخابيّة، كجزء من النشاط الإعلامي في حملة أيّ مرشح للوصول إلى فئة الناخبين التي يريدها.

ورغم أنّ هذه الوسائل لا تصل إلى المجموعات الكبرى في المجتمع اللبناني، لأنّه وإذا أخذنا إحصائيات وزارة الاتصالات، نرى أنّ عدد المشتركين عبر الانترنت ما يزال منخفضًا، ولا يشمل العدد الأكبر من المواطنين، لكنّها تشكّل جسرًا أوليًّا في تقريب وجهات النظر بين الإثنين.

 

الخاتمة

وفي الختام نستطيع القول أنّ المدوّنات اليوم قد أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار في الفضاء الإلكتروني، وعالمًا يحاكي نبض المجتمع وأفكاره، ووسيلة للنشر والتعبير الحرّ غير المقيّد نسبيًّا.

إضافة إلى أنّها تقوّي "الذات الجماعية" وتجعلها ناشطة وتسهم في بناء "مواطنة رقمية إفتراضية"، يتفاعل أفرادها بعضهم مع بعض، مما يشكّل "فضاءً عموميًّا" يحفزّ الناس للمشاركة في الحياة العامّة، وتشكيل مجتمع مدني واعٍ.

ورغم الصعوبات التقنيّة وضعف الإنترنت، استطاع اللبنانيّون أن يستثمروا في المنصّات الافتراضيّة ويناضلوا من أجل ما يؤمنون به، على الرغم من السلبيّات التي ترافق هذا الاستثمار لدى بعض المدوّنين من ناحية نقل الصراعات إلى العالم الافتراضي وتحويله أحيانًا ساحة نزاع من نوع آخر.

ومن ناحية أخرى، هناك الملتزمون بالقضايا الحقوقيّة والإنسانيّة والمناضلون من أجل المواطنة الحقّة. وقد اضطلعوا بدور فعّال في المجال العامّ، وانضمّوا إلى ركب الذين شكّلوا قلب العاصفة المعلوماتيّة التي قلبت موازين الإعلام ككلّ، ونقلته من يد النخبة إلى يد العامّة، فلم يعودوا أسيري صحيفة أو شاشة أو صوت عبر الأثير، بل أفادوا من هذه العناصر مجتمعة بطريقة شخصانيّة، جعلتهم يتواصلون مع العالم من خلال كمبيوتر واحد يصغر حجمه يومًا بعد يوم، ليتناسب مع احتياجات الإنسان المعاصر.

والأكيد في الموضوع أنّ الانسان اليوم يشعر بحاجة ملحّة للتواصل مع غيره، قد يفسّرها الاختصاصيون بحبّ الظهور أو عدم الإحساس بالأمان أو الرغبة بالتعبير عن الرأي.

وكما يعتبر الدكتور غسان يعقوب في كتابه سيكولوجيا الإتصال والعلاقات الإنسانيّة "أنّ الإتصال مسألة نفسية – إجتماعيّة، وحياتنا تقوم برمتّها على الإتصال الذي يمكن اعتباره عملية ديناميكية مستمرّة، من دونها يفقد الإنسان استمراره النفسي والزمني والاجتماعي"[36].

أمّا بالنسبة لمستقبل التدوين في لبنان، فالأمر مرتبط بعوامل عدّة، منها تقني مثل البنى التحتية، وتحسين اتصال الانترنت أو بروز خدمات الكترونية جديدة تنافس التدوين، ومنها قانوني مثل قوانين المطبوعات والانترنت، ومنها أمني كالإعتقالات بحقّ المدوّنين.

هذا مع العلم أنّ نصّ اقتراح القانون الجديد للإعلام، الذي قدّمته مؤسسة "مهارات" بالتعاون مع النائب "غسان مخيبر"، في تشرين الثاني 2010، قد لحظ الإعلام الإلكتروني في بنوده.

وشدّد على حماية حريّة التعبير عبر شبكة الانترنت، لكنّه وبعد خمس سنوات كاملة قضاها في لجنة الاتصالات والإعلام، لم تأت مسودة القانون على قدر آمال الإعلاميين والحقوقيين على السواء، بل وصفت بأنّها "أفضل الممكن".

وميّز اقتراح القانون بين ممتهني بث المواد الإعلامية عبر الشبكة الخاضعة لأحكام القانون، وبين الأشخاص غير المهنيين الذين ينشئون مدوّنات خاصة بهم، أو ينضمّون إلى مواقع التواصل الإجتماعي المعروفة كـ"الفيسبوك والتويتر" وغيرها، الذين أبقاهم اقتراح القانون خارج إطار التنظيم.

إنّ التدوين الصحافي والسياسي يلقى عالميًّا اهتمامًا كبيرًا ومتزايدًا، وقد بدأ عدد من السياسيّين اللبنانيين بالفعل يندرجون ضمن قائمة المعتمدين على قنوات الإتصال الإجتماعي، ممّا قد يكون له آثار جيّدة على العمليّة الديمقراطيّة في البلد.

ونستطيع أن نستخلص ممّا تقدّم أنّ المدوّنات في لبنان لم تصبح بعد قوّة ضغط كافية في سبيل التغيير الاجتماعي والسياسي. وعلى الرغم من أنّها وحدها لا يمكن أن تكون التعبير الدقيق عن رأي المجتمع ككلّ، لكنّها من ضمن القوى المشاركة في تشكيل الرأي العامّ، لأنّها تمثّل جزءًا من الآراء لدى شريحة من المجتمع في تزايد مستمرّ.

 

المراجع:

- صغبيني طوني: التدوين كمطرقة: بحث حول البلوغوسفير اللبناني، واقعه، تأثيره ومستقبله، منشورات مدوّنة نينار 2010، الطبعة الاولى

 - عبد الرزاق انتصار والساموك صفد، الإعلام الجديد، تطوّر الأداء والوسيلة والوظيفة، جامعة بغداد 2011، الطبعة الالكترونيّة

- يعقوب غسان، سيكولوجيا الاتصال و العلاقات الإنسانية، دار النهار، بيروت، 1979

- Fievet Cyril, Turrettini Emily, Blog Story, deuxiemetirage, Eyrolles.2004

- Desavoye Benoit, Ducamp Christophe, De Mazenaud X., et Xavier W., Les Blogs, M2 Editions Paris.

- Poulet Bernard, La fin des journaux et l’avenir de l’information,Gallimard, 2009

-  Quermonne (J.L) Le problème de la Cohabitation dans les sociétés multi-communautaires, Revue Française de Science Politique, vol. Xi, Mars 1961.

-  Harris Richard Jackson, A Cognitive Psychology of Mass Communication, Preface ix Lawrence Erlbaum Associates 1989. 

-  Gilmor Dan, We the Media.Grassroots Journalism by the People, for the People Sebastopol O’Reilly, 2006

 

Etudes sur Internet:

"-Lebanese Bloggers Seek Freedom in Virtual World" humanrightsblog

"-Bloggers and the Blogosphere in Lebanon & Syria Meanings and Activities"MahaTaki, in association with BBC research center.

- "Les blogs, nouvel enjeu du monde arabe", BadineChrabieh Pamela, 2010

- نبيح آمنة، "المدونات الالكترونية العربية بين التعبير الحرّ والصحافة البديلة".

- صغبيني طوني، "التدوين كمطرقة، البلوغوسفير اللبناني ومستقبل الحريّات في لبنان".

-صغبيني طوني، "لا حبّ ولا غرام: علاقة البلوغوسفير اللبناني بالحركة السياسية والإعلام التقليدي"

-قرم جورج،"المجتمع المدني في لبنان يكمل دور الدولة ولا يراقبها".

- نعيم هاني، "التدوين أداة سياسيّة"

 

المواقع الالكترونيّة:

http://saghbini.wordpress.com

http://www.britannica.com

http://pajamasmedia.com/instapundit

www.al-akhbar.com/node

http://ecommercetechnology.org/data

http://www.westminster.ac.uk/research/a-z/arab-media-centre

http://talalsalman.com

http://up2social.com/medias

http://hanibaael.wordpress.com

http://www.fas.org/irp/eprint/arabmedia

http://www.lebanonaggregator.com/p/all-blogs-urls.html

http://lebanesebloggers.blogspot.com

http://jou3an.wordpress.com

http://www.alittihad.ae

http://www.albaladonline.com/ar/NewsDetails

http://www.alarabiya.net/articles

http://www.georgescorm.com

http://www.maharatfoundation.org

http://www.ghassanmoukheiber.com

http://web2technlogy.blogspot.com

http://www.alhayat.com/Articles

 


[1]-     .PouletBernard, La fin des journaux et l’avenir de l’information, Gallimard 2009, p.148

[2]-     عبد الرزاق انتصار والساموكصفد، "الإعلام الجديد: تطوّر الأداء والوسيلة والوظيفة"، جامعة بغداد 2011، الطبعة الالكترونيّة، ص 24.

[3]-     .Gilmor Dan, We the Media.Grassroots Journalism by the People, for the PeopleSebastopol O’Reilly, 2006

[4]-     .Referenceto data that the reader can directly follow, or that is followed automatically. http://www.britannica.com

[5]-     .Fievet Cyril, Turrettini Emily, Blog Story deuxième tirage 2004, éditeur: Eyrolles, p.8

[6]-     .Desavoye Benoit, Ducamp Christophe, De MazenaudX., et Xavier W., Les Blogs, M2 Editions Paris, pp.17-18

[7]-     .http://pajamasmedia.com/instapundit/

[8]-     La fin des journaux et l’avenir de l’information,Editions Gallimard 2009, p.136.

[9]-     Bloggers and the Blogosphere in Lebanon & SyriaMeanings and Activities" MahaTaki, in association with

BBC research center

http://www.westminster.ac.uk/research/a-z/arab-media-centre

[10]-    .Harris Richard Jackson, A Cognitive Psychology of Mass Communication, Préface p: 2

[11]-    عبد الرزاق انتصار والساموك صفد، مصدر سابق، ص 9.

[12]-    .http://hanibaael.wordpress.com/

[13]-    خدمات الحزم العريضة :BROADBAND SERVICES تعدّ التقنيات الرقمية والألياف الضوئية العنصر الأساسي في مفهوم وعمل الحزمة العريضة. فالتطبيقات الرقمية تقوم بضغط كمية كبيرة من الصوت، والفيديو، والمعطيات التي تم تقسيمها إلى "بتات". ويقوم خط الحزمة العريضة بنقل المعلومات لتصبح كلمات، وصور، ومكونات أخرى على شاشة الحاسوب، ويتم نقل هذه المعلومات بسرعات أكبر من سرعات الاتصال الهاتفي، أو السلكي، أو اللاسلكي.
http://ecommercetechnology.org/data/82

[14]-    .Bloggers and the Blogosphere in Lebanon & Syria

[15]-    .http://web2technlogy.blogspot.com/2014/12/web2-microblog.html

[16]-    Gourvennec Yann, Directeur Web, Digital et Social Media Orange

.http://up2social.com/medias

[17]-    جورج قرم، المجتمع المدني في لبنان يكمل دور الدولة ويراقبها.مفكّر وخبير اقتصادي ووزير ماليّة لبناني اسبق.

http://www.georgescorm.com/personal/ afaq_almustaqbl _2010

[18]-    "لا حبّ ولا غرام: علاقة البلوغوسفير اللبناني بالحركة السياسية والإعلام التقليدي".

http://saghbini.wordpress.com

[19]-    طوني صغبيني: مصدر سابق.

[20]-    .http://ghazayel.wordpress.com/

[21]-    الإعلام الجديد، تطوّر الأداء والوسيلة والوظيفة، مصدر سابق، الصفحة 56.

[22]-    المصدر نفسه، الصفحة 30

[23]-    .http://kenanaonline.com/users/mavie/posts/

[24]-    .http://www.fas.org/irp/eprint/arabmedia.pdf

[25]-    http://saghbini.wordpress.com

"التدوين كمطرقة، البلوغوسفير اللبناني ومستقبل الحريّات في لبنان".

[26]-    صحافي، ومدوّن، عضو مؤسس في رابطة المدونين اللبنانيين.

https://hanibaael.wordpress.com/2010

[27]-    .http://www.lebanonaggregator.com/p/all-blogs-urls.html

[28]-    .http://lebanesebloggers.blogspot.com/

[29]-    Quermonne (J.L) Le problème de la Cohabitation dans les sociétés multi-communautaires, Revue Française de Science Politique, vol. Xi, Mars 1961, pp. 29- 59

[30]-    http://www.alhayat.com/Articles

[31]-    http://jou3an.wordpress.com

[32]-    http://www.albaladonline.com/ar/NewsDetails

[33]-    http://www.alarabiya.net/articles/

[34]-    http://hanibaael.wordpress.com

[35]-    هاني نعيم، "التدوين... أداة سياسية " نشر بترتيب مع "كومون جراوند" في شباط 2011.

http://www.alittihad.ae/details.php?id=11635&y=2011&article=full

[36]-    يعقوب غسان، سيكولوجيا الاتصال والعلاقات الإنسانية، دار النهار، بيروت، 1979، ص 25.

Lebanese blogs and virtual democracy

Blogging today is considered a tool for social and political change and an important source for information as well as one of the most popular means in the world.

There are main characteristics that differentiate blogging from the classic written, audio and visual media such as easiness of broadcast, freedom of editing and ability to interact with the audience as well as the economic characteristic and forming electronic groups between their editors, followers and benefiters through the participation in editing and receiving information.

Blogging became known at first as a Lebanese collective and social phenomenon as a reaction to major political events that took the country and the region by storm. After unrelated individual experiences took place, blogging inclined in the year 2010 towards institutionalization in an active blogging movement in terms of quality and quantity with the first tries of bloggers to establish an institutional committee that joins them and defends their rights. The committee was named “Lebloggers”.

Lebanese blogs went through extreme battles side by side with civil society in demands and rights and freedoms files. They were able to leave a trace in several fields because the efficiency of incitement on social media websites were translated as demonstrations in the streets.

In spite of the fact that blogs are not yet a sufficient pressure point for the goal of political and social change. However, they are part of the forces that are participating in the formation of general opinion because they represent a part of the opinion which lies in a fraction of society in constant increase.

Therefore, can Lebanese bloggers achieve true democracy despite the restraints and pressures that they are subjected to from time to time?

The answer can be difficult in a country that depends on several changes that are embodied in the infrastructures of the web, the rules of journalism and censorship of the internet.

Les blogs éléctroniques libanais et la démocratie virtuelle

Les blogs sont considérés aujourd’hui, une importante source d'informations, et l'un des moyens d'expression les plus populaires au monde, tout en soulevant les barrières de la liberté d’expression et en permettant un accès facile à l’information.

La facilité de publication, la liberté éditoriale et la capacité d'interaction avec le lectorat, en plus de la vitesse de diffuser les informations, et le coût moins élevé, font les avantages des blogues par rapport aux médias traditionnels.

La blogosphère libanaise,est née suite aux troubles nationaux, et comme un besoin de liberté d’expression et de rénovation sociale.

Ainsi,en offrant des plateformes pour tous les points de vue, les blogues au Liban essaient de devenir des outils de transformation à la portée de la société civile.

Les questions de la Justice sociale, de la démocratie, de l’environnement et des droits humains sont primordiales dans le vocabulaire des bloggeurs libanais.

Est-ce qu’ils peuvent accéder à une réelle démocratie, malgré les restrictions et les pressions de temps en temps?

La réponse peut être difficile dans un pays où l’avenir des blogs dépend forcément de la connectivité internet, les lois de la presse internet et de la censure.