من هنا و هناك

النظارات الطبية اختراع قديم والعدســات ظــهرت مع تطوّر الزجاج
إعداد: المعاون المجند بشار داوود

اعتبرت دلالة على الذكاء والنبل والمكانة

 النظارات الطبية اختراع قديم بقدم الزمان، فنيرون امبراطور روما، كان ينظر عبر حجر خاتمه الى حلبة المسرح لكي يرى بشكل أفضل. وقد اختلف المؤرخون في من كان مخترع النظارات الطبية، منهم من قال أنهم الصينيون وغيرهم قال الايطاليون وآخرون قالوا أنهم العرب... والأرجح أن يكون الإيطاليون في مورانو هم أول من اخترع النظارات، أما العرب فكان لهم دور هام في اختراع الزجاج.

 في القديم انتبه الإنسان الى بعض الظواهر البصرية حيث لاحظ كيف يجعل الماء الموضوع في أناء، الأشياء التي ضمنه (الفواكه مثلاً) أكبر وأوضح. واستعمل الإنسان في القرون الأولى أنواعاً من الزجاج الملون للتخفيف من أشعة الشمس، ثم جاء اختراع العدسة المكبرة (المحدبة الوجهين) في القرن الحادي عشر تقريباً، والتي تقدم رؤية أفضل في المسافات القريبة.

 يمكن القول بأن اختراع النظارات شأن الكثير من الاختراعات الأخرى نتج عن اجتهاد عدة أشخاص في أماكن مختلفة، لكن ضمن فترات زمنية متقاربة، نذكر منهم: ابن الهيثم، فيزيائي عربي ولد في البصرة عام  965وتوفي في القاهرة 1039، وروجيه باكون وهو طبيب انكليزي (1294-1214)، وسالفينو دوغلي ارماتي الفيزيائي الإيطالي (1317-1245)، والكسندر دولا سبينا الناسك الإيطالي، ونابولينان بورتا.

 

 لم يكتمل ظهور النظارة بشكلها النهائي المعروف إلا بعد المرور بعدة مراحل يمكن تعدادها بالتسلسل الزمني لظهورها:

1-عدسة واحدة من دون ساعد، توضع أمام العين الواحدة، (Monocle).

2-عدسة واحدة مع ساعد، تحمل باليد، (Les Lunettes de Cyclopes).

3-عدستان من دون سواعد تحملها، وتحمل بواسطة اليد أو تستند الى عظمة الأنف بواسطة أنفية ضاغطة.

4-عدستان مع ساعدين وتكون العدستان من النوع الطبي المصحح أو الشمسي الملوّن.

 اعتباراً من القرن الخامس عشر أصبحت النظارة ثابتة حيث تم وصل الدائرتين الحاملتين للعدستين ببعضهما بواسطة جسر مدوّر، وتحولت النظارة الى قطعة واحدة مصنوعة من العظم أو النحاس. ثم بدأ التفكير بتعليقها على الأذن بواسطة شريط أو بوصلها بالقبعة التي كانت سائدة في ذلك الوقت. وفي القرن السابع عشر، كانت النظارة دلالة على الذكاء وعلامة تدل على النبل، فكلما كان الإنسان غنياً وذو مكانة اجتماعية مرموقة كانت نظاراته ذات حجم أكبر لتدل على مكانته الإجتماعية.

 

 تطوّر كبير

 وقد شهد القرن الثامن عشر تطوراً كبيراً على صعيد مهنة النظارات، حيث أصبحت تثبت على الأذن بواسطة ساعدين قصيرين ينتهيان بحلقتين من المخمل تضغطان على الصدغين. وكان الحدث الأبرز ظهور وصفة نظارات طبية في كتاب تومين (THOMIN)

عام 1746، وهو بائع نظارات فرنسي شهير ويعتبر المؤرخ الأول للنظارات في العالم، وفي العام 1770م تأسست في فرنسا أول جمعية مهنية لبائعي النظارات (Les Opticiens).

 وفي عصر النهضة الصناعية الأوروبية كان للنظارات نصيب هام في التطوّر والصناعة، حيث أصبحت تصنع بشكل أدق من الفضة والفولاذ وأيضاً من الذهب. وأخذ المصممون يتبارون بتغيير أشكالها وألوانها، وأخذت دور الأزياء العالمية تتهافت لإدخال ألوانها وتصاميمها على النظارات التي اعتبرت جزءاً لا يتجزأ من الموضة.

 أما اليوم ومع ازدياد الطلب على النظارات الطبية والشمسية نتيجة التضخم السكاني العالمي، ومع دخول الشركات الآسيوية ميدان المنافسة في الجودة والثمن. فقد توجه الأوروبيون لتطوير صناعتهم والتركيز علي أنواع من المعادن الخفيفة الوزن، مثل الألمينيوم والتيتانيوم وبعض المعادن المرنة والذكية، والتي حققت ثورة هامة تتمثل في الحصول على نظارات بوزن 6 غرام.

 

 العدسات الطبية

 كانـت العدسـات الطبـية في القرن الحادي عشـر بدائـية تعـتمد على عامـل التكـبير. وفي العصور الوسطى تطـوّرت الصناعات الزجاجـية خصـوصاً في مديـنة البـندقية وجزيرة مورانو الإيطاليتين. ثم ظـهر الكريستال كـأول نوع من الزجاج عـالي الشـفافية، ذو نعـومـة فائقة، ويحتوي نسبة عالية من أكسـيد الرصاص الذي يعـطي العدسـة صـلابة ودقـة عالـية. وما ان انطلـقت النهضة الأوروبية الصـناعية حتى بادر الفرنـسيون الى تـطوير الزجاج والعدسات الطبـية، كذلك تطـوّرت صـناعة الزجاج المطحون والمـقـولب، أي المصـنوع في قوالـب جاهـزة في الستعـمرات الأمـيركيـة الشـمالية. بعـد الحـرب العالمـية الثانية انكب العلـماء على دراسـة الزجـاج علمياً، فعرفوا بنيته المتبلورة، حيث تكون الذرات مصفـوفة بشكل منـتظم في شـبكات ثلاثـية الأبعاد، تختلف بتناقسها، بحيث يمكن الحصول على أشكال مختلفة من النقاوة والأبعاد. كل ذلك أعطى الزجاج أهمية في علـم البصريات، خصوصاً وأن التجانس والتماثل في الشكل الخارجي، اضافة الى إمـكانية الحصول على تركيـبات وخـواص مخـتلفة في تأثيرها على انكسار أشعة الضـوء، ساعدا في الحصـول على مجـموعة كبيرة من العدسات الزجاجية التي تستـعمل في تصحـيح سـوء الانكسار.

 

 الأنواع الرئيسية للعدسات الزجاجية

1- ­ الزجاج الشفاف (CROWN): هو الزجاج الأكثر استخداماً، وهو ذو نقاومة عالية جداً مما يعطيه شفافية كبيرة.

2- ­ الزجاج الفوتـوكرومي: يـعود الفضـل في اكتشاف أول عدسات يتغير لونها مع تعرضها للضوء، الى شركة ˜كورنينغŒ (CORNING) الأميركية التي اكتشفته عام 1964، فحققت بذلك ثورة عالم البصريات.

 وللعدسات المتغيّرة مع الضوء خصوصية فهي تستطيع أن تغير من قدرتها على امتصاص الإشعاعات الضوئية حسب درجة الإنارة المحيطة. فهي تتدرج باللون اعتباراً من اللون الفاتح، الذي يزداد قتامة مع ازدياد الإنارة المحيطة ليتحول الى القاتم، وهذه العدسات نوعان: نوع يتغير من الأبيض الى الدخاني الغامق وآخر الى البني.

3-   الزجاج العالي الضغط: هو زجاج يضاف الى تركيبه أكسيد الرصاص الذي يزيد من كثافة المادة المكونة للزجاج فنحصل على عدسات أقل سماكة.

 

 العدسات البلاستيكية

 هي عدسات حديثة العهد في مجال البصريات، وقد دخلت الى الأسواق الأوروبية والأميركية في أوائل السبعينات لتحدث تغيراً نوعياً في السوق العالمية للعدسات الطبية. وقد تطوّرت هذه العدسات بشكل كبير بحيث نافست الزجاج في الوزن والمتانة، وقد أصبحت اليوم تشكل  90% من اجمالي السوق العالمي. ثمة أنواع رئيسية من العدسات البلاستيكية هي:

1-البلاستيك الشفاف.

2- ­ البلاستيك القابل للتلوين بنسب عالية.

3- ­ البلاستيك العالي الضغط.

4- ­ البلاستيك الفوتوكرومي (الذي يتغير تبعاً للضوء).

5- البولي كربونات (POLY CARBONATE)، وهو أحدث ما توصلت إليه صناعة العدسات الطبية في العالم، حيث يتميز بخفة وزنه ومتانته (عدم قابليته للكسر حتى بالمطرقة...).