- En
- Fr
- عربي
مهارات وقدرات
جهّزت أوراقها وجواز سفرها، ودّعت عائلتها، حزمت حقائبها، وتوجّهت إلى قاعدة Fort Gordon في جورجيا – الولايات المتّحدة الأميركية، لتمثّل لبنان والجيش اللبناني كمتدرّبة في دورةSignal Basic Officer Leader Course - SBOLC مع ٦١ متدربًا آخرين. ثابرت، اجتهدت، تميّزت وصُنّفت الأولى في الدورة، مؤكّدةً مرة جديدة أنّ لا شيء مستحيل طالما الإرادة الصلبة موجودة.
شاركت الملازم أنجي الخوري في دورة الـSBOLC التي أُقيمت في الولايات المتحدة لضباط الإشارة: ٦٠ منهم أميركيون و٢ أجانب هي وضابط آخر من مونتينيغرو. امتدّت الدورة على مدى ١٧ أسبوعًا وكانت مقسّمة إلى أربعة أقسام تضمّنت دروسًا نظرية وعملية وتمارين سير. شمل القسم الأول مواضيع عامة مثل تاريخ الإشارة، فن القيادة، الأخلاق المهنية العسكرية، كيفية التعامل مع المرؤوس ومتابعته، إجراءات قيادة الجند أو ما يُعرف بالـTLP Troop Leading Procedures وتدريبات الفصيلة. وتناول القسم الثاني أمورًا لها علاقة بالـIT Information Technology والتي شملت دروسًا عن التطورات الحاصلة، الأقمار الاصطناعية، أنواع الهوائيات المستَخدَمة، أنواع الأجهزة المستَعملة للتواصل في الولايات المتحدة، الأمن السيبراني، دور ضابط الإشارة في القطعة وكيفية كتابة أمر عمليات الإشارة.
تميزت هذه الدورة بتنوّع مواضيعها، وتشير الملازم الخوري في هذا السياق إلى أنّ ما اكتسبته يساعدها على التعامل مع الرؤساء والمرؤوسين على حدٍ سواء خلال خدمتها العسكرية أو عند تسلّمها أي مهمة عملانية في ما بعد. وقد خُصص القسم الثالث من هذه الدورة للتعمق في دراسة الـMDMP Military Decision Making Process وهي منهجية تفكير تساعد على فهم المهمة بهدف إصدار أمر عمليات يحقق غاية الرئيس، وهذه النقطة بالتحديد تم التركيز عليها في التحليلات والعمل على الخطائط. أما القسم الأخير فقد استمر ٤ أيام وهدفه اكتساب الخبرة الميدانية من خلال تبادل الأدوار القيادية، التدريب على كيفية التعامل كآمر فصيلة وكضابط إشارة، كيفية تأمين الحيطة، بناء الهوائيات والمحطات الوسيطة بهدف تأمين الاتصال ومنع انقطاعه أثناء المهمة.
مثابرة، صبر وتحمّل!
«المثابرة والصبر وتحمل المسؤولية، وتحدي الذات كلّها أمور تساعد على تخطّي أي صعوبة ممكن أن تعترض الإنسان في مسيرته ولدى قيامه بأي عملٍ كان» تقول الملازم الخوري لدى سؤالنا إياها عن كيفية تخطّيها للصعوبات التي واجهتها خلال الدورة. وتضيف: «الجهد الكبير الذي اقتضته متابعتي لهذه الدورة، لم يشعرني ولو للحظة بالندم على الالتحاق بها، لم أستسلم أبدًا للضغوطات. لقد أقنعت نفسي بأنّه يتوجب عليّ إنهاء الأشهر الأربعة باندفاع واحترافية، فأعود إلى وطني مرفوعة الرأس وفخورة بكل ما حقّقته. هكذا تحمّلت جميع المشقات التي واجهتني، بدءًا من كوني موجودة في بلدٍ غريب تختلف طبيعته وثقافته عن طبيعة وطني، وصولًا إلى الصعوبات الميدانية في أثناء تنفيذ التمارين، علمًا أنّي كنت الوحيدة الأجنبية إلى جانب ضابطٍ آخر».
كانت الحماسة التي في داخل الملازم الخوري إحدى عوامل نجاحها في إنهاء الدورة باحتلال المركز الأول. كذلك، تملّكها دافعٌ قوي حتى تتميّز في دورة الـSBOLC وتكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها، خصوصًا أنّها كانت أيضًا طليعة دورة الـ٢٠٢٢ في الكلية الحربية. فدروس هذه الكلية كانت ركيزة التفوق الذي حقّقته خارج بلدها، وقد جعلتها تتأقلم بسهولة مع مجريات الدورة في الولايات المتحدة الأميركية، وتتكيّف مع طبيعة الأرض والثقافة هناك حتى تكلّلت جهودها بالنجاح. فالتدريبات التي تلقّتها من الضباط المدرّبين في الكلية الحربية وخبراتهم المتنوعة التي نقلوها عن دورات خارجية شاركوا فيها، ساهمت في تطوير معرفتها وتحضيرها للمشاركة في دورات مماثلة في لبنان والخارج.
لا تستسلموا!
اكتسبت الملازم الخوري من خلال دورة الـSBOLC خبرات جديدة ومتنوعة طوّرت معرفتها لأمور كانت مبهمة بالنسبة إليها سابقًا، وزادت تعمّقها في اختصاص الإشارة، وكذلك أضافت إلى مهاراتها العسكرية وكفاءتها الكثير. وهي تقول: «أتمنى أن أتمكن من استثمار كل ما تعلّمته في هذه الدورة خدمةً لوطني وللمؤسسة العسكرية. لن أدع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها اليوم تقف عائقًا في طريق خدمتي للوطن ولا في طريق تطويري لنفسي، فأنا حين ارتديت هذه البزة وأقسمت الولاء للبنان، تحمّلت مسؤولية المحافظة عليه وخدمته مهما كانت الظروف والمشقات». في الختام، توجّهت الملازم أنجي الخوري بكلمة تشجيع إلى كل عسكري يعاني بسبب الأزمة الاقتصادية وتردّي الأوضاع المعيشية في لبنان قائلةً: «إذا عملنا جميعنا معًا، يدًا بيد في هذه الظروف، نستطيع النهوض من جديد فينهض معنا لبنان، لأنّ مقابل كل نزلة هناك طلعة». وللشباب المتردّدين في متابعة مسيرتهم والتائهين في خضم الصعوبات والمشقات، تضيف: «كما يقول قائد الجيش: البزة هي طائفتكم ولبنان هو حزبكم. إذا عملنا معًا نستطيع النهوض كطائر الفينيق من جديد. تطوير ذواتكم هو السبيل لنهضة لبنان فثابروا على التعلّم واكتساب المعارف». مرة جديدة، تثبت المؤسسة العسكرية، من خلال ضباطها وعسكرييها، أنّ لا باب يمكن أن يبقى مقفلًا أمام من يمتلك الإرادة والمثابرة. ومرة أخرى، تؤكّد أنّ الظروف لا يمكنها أن تقيّد من أراد التقدّم والتطور، بل تصبح تحديًا يدفع الإنسان إلى خلق فرصة جديدة من كل صعوبة أو مشقة تواجهه.