رحيل

فؤاد عواد عاش بصمت ورحل بصمت
إعداد: تريز منصور

المتعدّد المواهب اللامع في كل مساراته الفنية

 

شخصيّة محبّبة، جمعت بين المرح والجدّ، وإسمٌ لمع في العديد من المجالات الفنيّة، ولا سيّما الموسيقية منها. فؤاد عواد أغنى المكتبة الموسيقية بمؤلفاته وأبحاثه الذي كان في الوقت نفسه بطل الضحكة. «فارس إبن إمّ فارس»، كم ضحكنا واستمتعنا مع تلك الموهبة الأصيلة النادرة.


 الشغف بالموسيقى وتأليف المناهج لها
لعل أول ما يحضر لنا حين يذكر إسم فؤاد عواد، هو صورة فارس، الشخصية الكوميدية الطريفة. لكن هذا الممثل البارع، كان مؤلفًا موسيقيًا وباحثًا جدّيًا في الموسيقى. وقد كانت له في المجالين إنجازات هامة، أبرزها تأسيس جوقة الغناء العربي في جامعة الروح القدس- الكسليك، التي قادها لعدّة سنوات. كما أنه ترأّس قسم الموسيقى العربيّة في الجامعة ذاتـها بين 1985 و1988، ومن ثمّ أصبح مستشارًا للموسيقى العربيّة فيها بين 1997 و1999.
شغف عواد بالموسيقى العربيّة، دفعه إلى تأليف عدّة مناهج أكاديميّة خاصة بها، مستفيدًا من سنّي خبرته في التعليم الموسيقي لِـمَلْء الثغرات في مناهج تعليمها، وفتح آفاق جديدة لها، مرتقيًا بـها إلى مستوى العالميّة.
من أبرز مؤلّفاته في هذا الصدد: «قواعد العزف على العود»، «المنهج الجديد في السولفيج»، «منهج تعليم الغناء العربي»، «الموسيقى العربيّة الأندلسيّة» و«نظريات الموسيقى الغربية والعربية المشرقية» (قيد الطبع).
كما أعدّ لائحة بـ97 إيقاعًا من أهمّ الإيقاعات وأكثرها استعمالاً في الموسيقى العربية، القديمة والمعاصرة.
 

التلحين والغناء
إضافة إلى عمله الموسيقي الأكاديمي، لحّن فؤاد عواد للعديد من المطربين في لبنان، وألّف مقطوعات موسيقية لعدة مسرحيّات ومسلسلات تلفزيونيّة، بالإضافة إلى مجموعة من أغاني الأطفال، كما لحّن لإبنته الفنانة نادين عواد (من شعر صديقه الشاعر الراحل أسعد السبعلي).
وإضافة إلى التلحين، تمتّع عوّاد بموهبة الغناء، وله عشرات الأغاني من ألحانه.

 

المسرح والتلفزيون والحياة
لمع عواد في التمثيل أيضًا، وكان صاحب شخصية طريفة أحبّها الجمهور واستقرّت في الأذهان. في المجال المسرحي له عدّة أعمال مع سامي خيّاط ومروان نجّار، وفي التلفزيون مثّل في الثمانينيات من القرن الماضي مسلسلين لمروان نجّار، فعُرف بشخصية «فارس إبن أمّو»، التي ما زالت في البال لطرافتها وظرفها. ومن شاهده في دور فارس إبن إم فارس (مع الممثلة القديرة عليا النمري)، لم يكن يصدّق أن لهذا الرجل شخصية أخرى مناقضة تمامًا. اشتهر يومها بعبارة «صبي وين بدّو يروح»، وبعدد من الأغاني الطريفة التي لحنها وكان يؤديها عازفًا على العود.
إطلالته الإعلامية الأخيرة كانت حين كرّمته الكاتبة جيزيل هاشم زرد على مسرح الأوديون منذ أشهر في مهرجان «زارعي الأحلام».

 

الراحل الصامت
لفؤاد عواد شخصية مميّزة تمزج بين الفرح ورفض الأحزان، والتصالح مع الحياة على قساوتها. كان ذلك الرجل المُتصالح مع غسيل الكلى وهو في سن السادسة والعشرين، والمُتحمّل لمرضه بفرح، والمُدرك لما يريده من الحياة، وما تريده هي منه كما يقول أبناؤه. وعلى الرغم من مرضه، انصرف عواد إلى التأليف الموسيقي حتى آخر أيامه.
عاش بصمت، ورحل بصمت في 7 تشرين الثاني 2016 عن عمر يناهز الـ73 عامًا.