ذكراهم خالدة
خصّت قيادة الجيش آباء العسكريين الشهداء بلفتة مؤثرة في مناسبة عيد الأب، فكرّمتهم باحتفال أقامه جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى في نادي الرتباء المركزي – الفياضية تحت شعار: ”أنت قّوتي“.
استوحى الجهاز هذا الشعار من خلال فيلم قصير يحاكي قصة والد شهيد استسلم لبؤس الأيام وظلمة الليالي بعد استشهاد ابنه، فبات يرفض الكلام والطعام، واعتكف على كرسيّه المتنقل بعد أن تعرّض لحادثٍ جعله كسيحًا، لسان حاله ينطق بنارٍ تُلهب فؤاده ولا تنطفئ، وقطرات الدمع على وجهه لا تنضب.
جسّد الفنان القدير غابريال يمّين شخصية الوالد المكسور الذي لم يقوَ على ألمه، لكنّه ينتصر على هذا الألم في لحظة يستذكر خلالها أنّ ابنه الشهيد قال له يومًا: «أنت قوّتي». يُنزل الأب قدميه المشلولتَين عن الكرسي المدولب محاولًا الوقوف في إشارة لرفض اليأس والعبور من نفق الاستسلام إلى نافذة الأمل والنهوض…
وفيما أدت الممثلة الكبيرة نوال كامل دور والدة الشهيد، أدى الممثل جلال الشعار دور العسكري الشهيد. وقد عمل الجميع بتناغم، فأتى العمل مكتنزًا بالمشاعر الإنسانية، مؤثرًا في معانيه ورسائله.
فخر رغم الألم
لم يقتصر الاحتفال الذي حضرته عقيلة قائد الجيش السيدة نعمت عون على عرض الفيلم، فالحاضرون الذين غالبوا دموعًا عزيزة وهم يتابعون الفيلم، استمتعوا بأغاني الفنان ملحم زين التي أحيت في نفوسهم روح الحماسة الوطنية وحاكت ما يختزنونه من عنفوان وإباء، فكان الاحتفال مساحة زاخرة بالفخر والمشاعر الجميلة رغم الألم، وهذا ما عكسته كلمات من تحدّثت إليهم مجلة «الجيش». فالفنان ملحم زين الذي أسعده هذا اللقاء، قال: «أي حب أعظم من حب آباء قدّموا أبناءهم شهداء تحت راية الشرف والتضحية والوفاء لنحيا نحن وننعم بالأمن والاستقرار». وأضاف: «الجيش دائمًا على حق، هو البوصلة التي يجب أن نسير وفق اتجاهها من دون تردد أو خوف، الكل يجب أن يشعر بالانتماء للجيش، وأنا لي شرف أن أقف إلى جانب آباء الشهداء وأُفرح قلبهم بكلمةٍ أو لحن أو موّال ينسيهم ألم الفراق ولوعة الغياب الموحش».
وإذ يعتبر السيّد محمد نور الدين والد النقيب الشهيد أيمن نور الدين أنّ العسكريين الشهداء هم قرابين مقدسة افتدت الوطن الحاضن لأبنائه جميعًا، يُضيف السيّد محمد صولي والد العريف الشهيد وسام صولي أنّ الشهداء سطّروا ببطولاتهم تاريخًا مشرّفًا ونبيلًا للبنان تتناقله الأجيال.
وعند سؤاله عن شعوره بالمشاركة في الاحتفال، يقول الرقيب الأول المتقاعد خالد وردة والد العريف الشهيد عبد الرحمن وردة: «إنّ الانخراط في صفوف المؤسسة العسكرية هو الطريق الأسرع إلى ساحات المجد، وقدرنا أن نكون ممّن ساروا على درب الخلود من خلال ابننا عبد الرحمن الذي نستذكره اليوم مع رفاقه الشهداء بكل فخر واعتزاز».
شكر وتقدير
كرّم رئيس جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى العميد الركن جهاد مرعي مَن ساهموا في إنجاح هذا الاحتفال، وقدّم دروعًا تذكارية باسم العماد قائد الجيش للفنان ملحم زين والمخرج نبيل لبّس والممثّلين غابريال يميّن، نوال كامل، جلال الشعّار وكريستينا الحاج، والسادة فراس أبو حمدان، جيلبير ضو ومارسيل غريب. كما ألقى كلمة مؤثرة أظهر فيها أن العسكري يستمد قوته من والده ويصبح بعد استشهاده هو مصدر قوة وفخر للعائلة وللوطن. فالأب، عماد البيت، وثباته من صلابة أرز لبنان وجباله، يغرس في قلب ابنه الشهيد حب الوطن ويعزّز لديه روح التضحية التي نمت في صفوف المؤسسة العسكرية.
في القلب على الدوام
في قلوبنا جميعًا، مكان ينبض بالحنين لشهيدٍ قريب أو صديق أو جار عزيز أو والد أو شقيق… لن ننسى تضحياتهم ولن تغيب عن عيوننا صورهم البهية. ذكراهم خالدة، فهم الأبطال الذين سطروا بدمائهم الزكية عناوين الشرف والتضحية والوفاء.