- En
- Fr
- عربي
نيوب الوحش
لطالما رددنا في فسحات السلم القليلة التي عرفناها، أن الأوطان لا تبنى إلا بالتضحيات، دماءً وأرواحاً وأموالاً، وان الاستقلال المجاني لا يدوم والحرية الرخيصة لا تعمر. إذن، المطلوب في هذا الظرف الصعب، ونحن تحت وطأة الحرب بكل تفاصيلها، أن نؤكد ما قلناه، وان نمنع النهار من محو كلام الليل. وهل لأحد أن يؤمن بمن يطلق الوعود ويتخلى عنها؟ وهل تكون تجربة المرء قبل الامتحان أو تحت وطأته يا ترى؟
إننا، أبناء هذا الوطن، في الامتحان، في الرهان، وشعبنا لن يهون ولن يهان. هذه هي قوة الحق تعبر عن نفسها بالوحدة والصبر والتضحية التي لا تعرف الحدود. وتأتينا من بعض الجهات أصوات تنادي بالديمقراطية الحديثة، وأصوات تروج لحضارة العولمة، مصحوبة بأوهام البحبوحة والرخاء، وهي في الحقيقة ظاهرها براق وجوهرها أكاذيب. شعارها العدالة والسلام، غايتها إلغاء الآخر بالقوة والضغط وفرض الأمر الواقع. ورأس السهم في ذلك كله هو العدوان الجديد الذي تقوم به إسرائيل ضد لبنان بأسره، على مسمع ومرأى ، وربما تشجيع، من بعض الجهات الفاعلة في العالم، بهدف التأديب والإخضاع والإكراه وسلب الإرادة وفرض الشروط.
أتت الهجمة شرسة مدمرة، موجهة إلى أهداف مسالمة آمنة، تعبر عن وحشيتها المجازر المتلاحقة التي طاولت المواطنين نياماً تحت سقوف بنوها بإيديهم، أو نازحين إلى ديار اخوة لهم يتبادلون معهم عادات الضيافة والنجدة والمعروف وصدق الانتماء إلى وطن واحد وتقاليد واحدة.
إن إسرائيل تقصف وتدمر ليلاً ونهاراً من أجل "بسط الأمن والتبشير بمستقبل زاهر" في نظر البعض الذي ذكرناه، لكنَّ أبناء لبنان، شهداء وجرحى ومتألمين وصامدين... يعرفون:
إذا رأيت نيوب "الوحش" بارزةً فلا تظننّ أن "الوحش" يبتسم